حكم الشرع فى وحم المرأة الحامل
رأيت في بعض كتب الفقه أن من ضمن نفقة الزوج لزوجته إحضار ما تتوحم عليه أثناء الحمل.. فهل هذا صحيح وهل الوحم نفسه صحيح؟
ورد هذا السؤال في الجزء الخامس -المعاملات- من كتاب "أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام" للشيخ عطية صقر الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر الشريف، فيقول:
إن إنفاق الزوج على زوجته معروف أنه واجب والنصوص فيه كثيرة، وأهم أنواعها: الطعام والكسوة والمسكن، وقد قرر بعض الفقهاء، ومنهم الشافعية، أن من المعاشرة بالمعروف التي أمر الله بها الأزواج توفير الكماليات لها مما تقضي به العادة.
اقرأ ايضا: حكم الشرع فى لبس دبلة الخطوبة
وجاء في حاشية الشيخ عوض على شرح الخطيب "الإقناع" امتن أبي شجاع في فقه الشافعية "ج 2 ص 190" أنه يجب عليه لها فطرة العيد، وكحك العيد وسمكه، ولحم الأضحية، وحبوب العشر، والبيض في خميس البيض وما تحتاجه عند الوحم..
إن من المشاهد أن الحامل إذا توحمت على شيء ظهر أثره في تكوين الجنين بصور مختلفة، بل إنها إذا توحمت عليه أثناء رضاعة الطفل ظهر الأثر أيضا.
وقد أنكر كثير من الباحثين ذلك لكن شوهد أن بعض النساء تأتى بمولود فيه شبه بأحد الناس أو بأحد الحيوانات، دون أن يكون هناك اتصال جنسي بينهما، أو اتصال بنسب ينحدر منه هذا الشبه، فهل يمكن أن يقال: إن التأثرات النفسية العصبية قد تكون بمثابة رسل أو وسائط توصل هذه الانطباعات إلى جسم الجنين أو الرضيع عن طريق اللبن؟
رأيت في سفر التكوين "إصحاح 30" ما يبين قدم هذه الظاهرة ومحاولة استغلالها وهي أن يعقوب وضع قضبانا من فروع الشجر مخططة في مساقي الغنم، لتتوحم عليها، وتلد أغناما مخططة. فليتأمل.
اقرأ ايضا: حكم الشرع فى سكن المطلق فى نفس شقة مطلقته
وهذا يؤيد الرأي القائل: إن الصفات المكتسبة تورث إذا أثرت تأثيرا عميقا في الأعصاب والأحاسيس. وفي ذيل تذكرة داود الأنطاكي (ص 31)أن شبه الولد بوالديه قد يكون من التخيلات والأوهام ساعة الاتصال الجنسي، أو من تخيلات الحامل زمن تخلق الجنين.
ويقول ابن القيم: الحجام يرى الخراج فيشمئز منه فيخرج له مثله، ومداوى رمد يقشعر فيحصل له مثله، كالتثاؤب لمن يرى متثائبا "زاد المعاد ـ الاستفراغ بالقيء"
والخلاصة:
أن ظاهرة الوحم معروفة من قديم الزمان، والعلم يشهد لها. ومن المعاشرة بالمعروف أن يهييء الزوج لزوجته الحامل ما تميل إليه نفسها أثناء فترة الوحم. لأن له تأثيرا على الجنين، وأن يهييء لها الجو الذي يدخل على نفسها البهجة وبخاصة أثناء الحمل والرضاعة.