الفيروس وانقلاب القيم
عندما قام فيروس كورونا بغزو عالمنا كانت النصيحة الأساسية للأطباء والخبراء هو الاختباء داخل المنازل والابتعاد عن الناس، أو ما اصطلح على تسميته التباعد الاجتماعى..
والآن والعالم يتجه إلى إنهاء سياسات الإغلاق التي لم تعد اقتصادياته قادرة على تحملها والنصيحة الأساسية للأطباء والخبراء للناس بعد إعادة الفتح هي الحرص على التباعد الاجتماعى أثناء ممارسة الحياة لتجنب الإصابة بهذا الفيروس سريع الانتشار رغم أنه ضئيل جدا..
اقرأ أيضا: شكاوى الأطباء ونقابتهم !
وإذا استمر حال البشر على هذا النحو لفترة ليست بالقصيرة، كما تتوقع منظمة الصحة العالمية، سوف يكون لذلك تداعياته السلبية على جهود من يروّجون للقيم الإيجابية في المجتمع!
إن هؤلاء لا يكفون عن الدعوة إلى قبول الآخر واحترامه، باعتبار ذلك أحد أسس العيش المشترك بين المختلفين دينيا واجتماعيا وجنسيا وسياسيا في المجتمعات ما دامت تظلهم سماء وطن واحد.. لكن خوفا من الإصابة بفيروس كورونا نجد الآن من ينصحهم بالبعد عن الآخر، حتى لو لم يكن الآخر مختلفا..
اقرأ أيضا: كمامة لكل مواطن!
لأن هذا الآخر قد يكون الاقتراب منه خطرا يهدد الحياة!.. وشتان بالطبع بين الدعوة لقبول الآخر والإقبال عليه التي كان مروجو القيم الإيجابية يحضون الناس عليها، وبين الخوف من الآخر والابتعاد عنه التي بدأت الدول تفرضها ليس فقط على من يأتون لزيارتها وينتمون لجنسيات أخرى، وإنما على مواطنيها، حتى بين من ينتمون لأسرة واحدة، وتفرض عقوبات على من لا يلتزم بذلك.
اقرأ أيضا: نحن ما بعد كورونا!
قبل كورونا كان يقال للناس حياتكم لن تصفو إلا بالإقبال على الآخر وإزالة الحواجز معه.. والآن بعد كورونا يقال للناس حياتكم في خطر لمجرد الاقتراب من الآخر.. ويخشى بعد مرور فترة من الزمن أن يزرع في قلوب بعض الناس في المجتمعات المختلفة الخوف من الآخر وتجنبه والابتعاد عنه، حتى ولو كان هذا الآخر صديقا أو قريبا أو حبيبا، أو حتى لو كان هذا الآخر مثلك ويشبهك في الكثير مثل الجنس والدين والانتماء الاجتماعى..
ولن يحمى البشر من هذا الخطر إلا زوال أو تقلص خطر فيروس كورونا سواء باكتشاف وتوفر لقاح فعال له، أو بضعف الفيروس ذاته.