إسكندرية.. ليه؟!
الذين فوجئوا بمظاهرات "الكورونا" فى الإسكندرية، لم يتابعوا على ما يبدو نشاط جماعات الإسلام السياسى طوال السنوات الماضية.. وأنها كانت تستعد دائما لنشر الفوضى عندما تتاح لها الفرصة.
تركت الإسكندرية لكى يتحكم فى شئونها شيوخ السلفية الذين سيطروا على مساجدها، وكان لهم خطاب معارض لخطاب الدولة، ودون أن يلتفت أحد لهذا الخطاب، إما عن كسل عن مواجهة حاسمة تجاه تلك التجاوزات، أو لاعتبار أنهم لا يمثلون خطرا حقيقيا..
وطالما أن الأمر اقتصر على الخطاب الدينى.. فليس هناك ما يقلق، وما زال داخل أجهزة الدولة من يتعاطف مع هذا التيار ويرى أنه يعبر عن قطاعات واسعة من الشعب، والحقيقة أن التأخر فى المواجهة كان وراء زيادة أنصاره.. خاصة أن مساجد الدولة كانت تستخدم فى تجنيد الأنصار انتظارا لليوم الموعود.
اقرأ أيضا: وجه إثيوبيا القبيح!
وقد تعرضت لموقف لا أنساه منذ سنوات، عندما كنت في الإسكندرية وأديت صلاة الجمعة فى واحد من أكبر مساجدها، وكانت دهشتى كبيرة أن الخطيب السلفى الذى اعتلى المنبر كان يتحدث عن الأخوة الأقباط بأسلوب مستفز، خاصة أن المسجد أحيط بميكروفونات يصل صداها إلى المقيمين فى الشارع خاصة الأخوة الأقباط، ويقتحم بيوتهم دون أى استئذان.
وعقب الصلاة وقف شاب قبطى غاضب مما جرى فى خطبة الجمعة.. وتساءل ماذا تريدون منا هل أن نترك لكم بلدنا.. ولولا سماحة بعض المصلين وسعة أفقهم لوجد هذا الشاب ما لا يرضيه من جانب أنصار الشيخ السلفى.
اقرأ أيضا: شهداء "الكورونا"!
الذين يعتقدون أن السلفيين أقل عنفا من جماعة الإخوان يقعون فى خطأ كبير.. والدليل أنه عندما تمكنت الجماعة من الوصول لحكم مصر خلال فترة سوداء من تاريخ الوطن، كانت مساندة السلفيين لهم واضحة تماما، وأن الخلافات التى نشبت بينهما كانت على أساس من الأحق بحكم مصر.
وليس لدى أدنى شك أن مظاهرة الإسكندرية كانت موضع إتفاق الجماعة وشيوخ السلفية وشارك فى المظاهرات عشرات من الشباب المغيب الذى يعترض على إغلاق المساجد، ويرى أن مواجهة بلاء "كورونا" لا يتحقق إلا بالدعاء.
اقرأ أيضا: صحوة في الوقت الضائع
حان الوقت لأن تراجع الدولة موقفها من التيار السلفى الذى يعمل ليل نهار على تخريب عقول الشباب، مستغلا مشاعرهم الدينية العميقة، والظروف الاقتصادية الصعبة التى فرضتها "كورونا".
والخطوة الأولى أن نحرر المساجد من سيطرة السلفيين – حتى لو كان منهم من تعلم فى الأزهر- لأنه يتبنى أفكارا ظلامية تمثل الخطر الحقيقى على مصر.. السلفيون خطر على الوطن.