رئيس التحرير
عصام كامل

الليلة الأخيرة، مشهد الوداع في حياة السيدة نفيسة (3 – 3)

مشهد الوداع في حياة
مشهد الوداع في حياة السيدة نفيسة، فيتو

في هذه السلسلة، نتناول استعراضًا لليالي الأخيرة في حياة بعض الصالحين، ممن يصدُق عليهم ما نصفه بـ "حُسن الخاتمة"، والفراق الطيب، والرحيل الجميل، بعد حياة حافلة بالإيمان بالله ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم، وبالحسنات، والالتزام بآداب الإسلام، وتعاليم الشريعة السمحة.
كان للسيدة نفيسة الكثير والكثير من الكرامات، ومنها أنه أسلم على يديها آلاف اليهود؛ بعد أن تأكدوا من بركتها، فقد شفيت بنت مشلولة، مسحت على قدميها بماء وضوء السيدة نفيسة.

وكان الأمراء يعرفون قدرها وقدرتها على توجيه عامة الناس، والدفاع عنهم ضد ظلم الحكام، حتى أن أحد الأمراء قبض أعوانه على رجل من العامة ليعذبوه فبينما هو سائر معهم، مرّ بدار السيدة نفيسة فصاح مستجيرًا بها، فدعت له بالخلاص، قائلة: "حجب الله عنك أبصار الظالمين".
ولما وصل الأعوان بالرجل بين يدي الأمير، قالوا له: إنه مرّ بالسيدة نفيسة فاستجار بها وسألها الدعاء فدعت له بخلاصه، فقال الأمير: “أو بلغ من ظلمي هذا يا رب، إني تائب إليك واستغفرك”؛ وصرف الأمير الرجل، ثم جمع ماله وتصدق ببعضه على الفقراء والمساكين.
حكى الأزهري في “الكواكب السيارة”  من غريب مناقب السيدة نفيسة بنت الحسن، أن امرأة عجوزا لها أربع بنات كن يتقوّتن من غزلهن (يغزلن الصوف) من الجمعة إلى الجمعة.

فأخذت أمهن الغزل لتبيعه وتشتري بنصفه كتانًا ونصفه الآخر ما يتقوّتن به حسبما اعتدن، ولفت الغزل في قطعة حمراء ومضت إلى نحو السوق، فلما كانت في بعض الطريق إذا بطائر انقض عليها وخطف منها الغزل ثم ارتفع في الهواء، فلما رأت العجوز ذلك وقعت مغشيًا عليها (لأنه ليس عندها مال تقتات منه غير ذلك الغزل) فلما أفاقت من غشيتها هذه قالت: كيف أصنع بأيتامي؟ قد أهلكهن الفقر والجوع !! فبكت، فاجتمع الناس عليها وسألوها عن شأنها، فأخبرتهم بالقصة فدلوها على السيدة نفيسة، وقالوا لها اسأليها الدعاء فإن الله سبحانه وتعالى يزيل ما بك، فلما جاءت إلى باب السيدة نفيسة أخبرتها بما جرى لها مع الطائر وسألتها الدعاء فرحمتها السيدة نفيسة، دعت لها بأن ييسر لها أمرها فقعدت المرأة تنتظر الفرج وفي قلبها من جوع أولادها شدة وضيق.

فلما كان بعد ساعة يسيرة إذا بجماعة قد أقبلوا وسألوا عن السيدة نفيسة وقالوا: إن لنا أمرًا عجيبًا، نحن قوم مسافرون لنا مدة في البحر ونحن بحمد الله سالمون فلما وصلنا إلى قرب بلادكم انفتحت المركب التي نحن فيها ودخل فيها الماء وأشرفنا على الغرق وجعلنا نسد الخرق الذي انفتح فلم نقدر على سده، وإذا بطائر ألقى علينا صرة حمراء فيها غزل فسدت الفتحة بإذن الله. وقد جئنا بخمسمائة دينار شكرًا على السلامة.

youtube

فبكت السيدة نفيسة وقالت: إلهي وسيدي ومولاي ما أرحمك وألطفك بعبادك، ثم طلبت العجوز صاحبة الغزل وسألتها: بكم تبيعين غزلك؟ فقالت بعشرين درهمًا، فناولتها الخمسمائة دينار، فأخذتها وجاءت إلى بناتها فأخبرتهن بما جرى فتركن الغزل وجئن إلى بيت السيدة نفيسة وقبلن يدها وتبركن بها.

في بيتها

كانت من أفضل النساء في رعاية زوجها وبيتها وأسرتها، ومن أحسنهنَّ إتقانًا لفنِّ إدارة المنزل الذي كانت تعمره بالعبادة والذكر والتربية الحسنة، وحسن التعامل مع زوجها الذي كان يسعد بها كلَّ السعادة ويصرِّح لها بجمال ما أودع الله فيها من صفات حسنة شكلًا ومضمونًا، فما تردُّ عليه إلا بوجهٍ بشوش، وكلماتٍ راقيةٍ تدل على أدبها الجم.
وكانت صاحباتها يجدن من الأنس بمجلسها ما لا يجدنه عند غيرها، وتجد صدورهنَّ من الانشراح، وقلوبهنَّ من الارتياح ما يجعلهن ينظرن إليها نظر التلميذ لشيخه.
وكانت تغمر من يجلس إليها بالمودة، وتُفيض عليهن من التوجيه والعلم.

من أقوالها

من أراد النجاة من الفقر فعليه بقراءة سورة الواقعة، وقد ذكر هذا عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه.
ومن أراد الثبات على الإسلام فعليه بقراءة سورة تبارك، ومن أراد النجاة من عطش يوم القيامة فعليه بقراءة الفاتحة ومن أراد الشُّرْب من حوض النبي، صلى الله عليه وسلم، فعليه بقراءة إنا أعطيناك الكوثر. وكانت تحرص على ربط نفسها ومن تجالسهن بالقرآن الكريم، وأحاديث الرسول، صلى الله عليه وسلم، مع أنها كانت صاحبة درايةٍ وإتقانٍ في شؤون منزلها، ورعاية زوجها وأبنائها.
من الكلمات المأثورة للسيدة نفيسة عندما شكا لها البعض تعسف الولاة "كيفما تكونوا يولَّ عليكم"، أى أصلحوا ذات بينكم يصلح الله لكم ملوككم.

وفاتها

وكان لأخيها يحيى (المتوّج) بنت واحدة اسمها "زينب" انقطعت لخدمة عمتها، تقول: "لقد خدمت عمتي نفيسة أربعين سنة، فما رأيتها نامت بليل أو أفطرت بنهار، إلا في العيد وأيام التشريق".
وتقول: "كانت عمتي تحفظ القرآن وتفسّره وتقرأه وتبكي".
وهكذا عاشت السيدة نفيسة، رضي الله عنها، في مصر معزّزة مكرّمة، ينتهل من نمير علومها أهالي مصر. وكانت مثال الحديث الشريف: "عاشروا الناس معاشرة إن عشتم حنّوا إليكم، وإن متّم بكوا عليكم".

ختمت القرآن في قبرها 199 مرة

وفى صحن دارها، حفرت قبرها بيدها، وكانت تنزل فيه وتصلي كثيرًا، حتى إنها قرأت فيه المصحف مائة وتسعين مرة وهى تبكى بكاء شديدًا.

وما أن حلّ عام 208 هـ، ولم تكد تدخل سنتها الرابعة والستين، حتى أحست بدنو أجلها، فكتبت إلى زوجها تطلب حضوره.

وكانت السيدة نفيسة صائمة كعادتها، فألحوا عليها أن تفطر رفقًا بها، فرفضت فانصرف الأطباء، وقد شدّهم الإعجاب بقوة يقينها وثبات دينها، فسألوها الدعاء، فقالت لهم خيرًا ودعت لهم.

وشاءت السيدة نفيسة أن تختم حياتها بتلاوة القرآن الكريم، وبينما كانت تتلو سورة الأنعام، حتى إذا بلغت آية: "لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون". (الأنعام/ 127) غشي عليها. 
تقول زينب، بنت أخيها، فضممتُها إلى صدري، فتشهدتْ شهادة الحق، وصعدت روحها إلى بارئها.

ولما فاضت روحها أراد زوجها أن ينقلها إلى البقيع عند جدها، صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن أهل مصر تمسكوا بها وطلبوا منه أن يدفنها عندهم فأبى، ولكنه رأى في منامه الرسول يأمر بذلك فدفنها في قبرها الذي حفرته بنفسها في مصر.

مسجد السيدة نفيسة

يقع المسجد بمنطقة السيدة نفيسة بالقرب من منطقة مصر القديمة وهو من أعرق المساجد بمحافظة القاهرة.
وذكر غير واحد من علماء الأخبار بمصر أن الضريح الموجود بمسجد السيدة نفيسة، هو قبر السيدة نفيسة بلا خلاف.
وقد زار قبرها من العلماء والصالحين خلق لا يُحصى عددهم‏.‏
 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية