"كورونا" بين التهوين والتهويل
"أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي أبدا" حكمة تتبعها حكومتنا دائما، فهي قررت أمس وبعد طول انتظار "اتخاذ الإجراءات القانونية، حيال من نشر أخبارا، أو بيانات كاذبة، أو شائعات، تتعلق بفيروس كورونا، وتناقل معلومات مغلوطة من خلال المواقع الإلكترونية، وكذا وسائل التواصل الاجتماعي، فجرى تداولها من قِبل أفراد المجتمع".
لكن هل أدركت الحكومة كم خسرت مصر وكم طالها من أذى وإهانة خلال الفترة الماضية نتيجة فيديوهات ومقاطع صوتية ورسائل تبث ليل نهار، وتصل العالم العربي خصوصا منطقة الخليج، ثم يجري التعامل معها باعتبارها حقائق يحذر الشعب منها، ويتخذ على ضوئها قرارات بإيقاف الطيران من وإلى مصر وإغلاق المعابر ومنع السفر إليها، لأن "الحكومة المصرية تتعمد التعتيم واخفاء حقيقة تفشي فيروس كورونا المميت على أرضها حتى لا تتأثر السياحة"!
اقرأ أيضا: لا تسامح مع المسيئين لمصر!
يفترض ألا يقتصر قرار الحكومة مقاضاة مروجي الأخبار الكاذبة والإساءة المتعمدة للبلد على المصريين بالداخل فقط، بل يجب أن يمتد الإجراء القانوني إلى كل من تطاول وأساء واتهم البلد بالتعتيم وإخفاء الحقائق بل واستخدم الفيديوهات المضللة دليلا ضد مصر..
وعلى الحكومة أن تسأل سفراءها في دول الخليج عن كتاب المقالات والصحفيين والأطباء والنواب والمدونين الذين تفرغوا لبث السموم ضد مصر، اعتمادا على ما يأتيهم من فيديوهات ورسائل، إلى جانب ما أعلنته دول عن وصول أحد مواطنيها مصابا بالفيروس من مصر مثل فرنسا، كندا، تايوان، أميركا، الكويت، التي أعلنت أمس عن إصابة إثنين كويتيين من أول دفعة تم إعادتها من القاهرة، هؤلاء جميعا يجب أن يشملهم قرار الإحالة للقضاء حتى لا تصبح مصر "الحيطة المايلة" في كل مشكلة تحدث في العالم.
اقرأ أيضا: نادية لطفي.. مناضلة لا تطفئها الشمس
مثلما أشرت إلى تأخر الحكومة دائما في التحرك، يجب الإشادة بأن المؤتمر الصحفي الخاص بفيروس "كورونا"، تتحدث فيه وزيرة الصحة بنفسها وتتواصل مع الإعلام، بخلاف كثير من الدول العربية، التي تركت مهمة المؤتمر اليومي إما لوكيل وزارة الصحة أو المتحدث باسم الوزارة، وهذا لا يجوز في أمر يتعلق بفيروس مميت يكاد يصنف وباء عالميا.
لكن في المقابل يؤخذ على وزيرة الصحة استعراضها أن "مصر من الدول منخفضة الإصابة بالفيروس المستجد؛ وإننا من أول ثلاث دول على مستوى العالم اتخذت إجراءات احترازية في مطاراتها منذ إعلان منظمة الصحة العالمية عن الفيروس، أن مصر تملك أحدث الكواشف لفيروس كورونا، ولا يوجد أي حالة إصابة أو أعراض بين الطواقم الطبية المصرية".. فإذا كان كل هذا صحيحا فكيف نفسر الإصابات الموجودة وكيف لم يتم اكتشافها سواء بين من غادروا لبلدانهم أو من خالطوهم وأصيبوا بالمرض، ولا ندري نقلوا الفيروس لكم شخص آخر؟!
اقرأ أيضا: أين نحن من «معارك» مهاتير؟
حذرت منظمة الصحة العالمية من تفشي "كورونا" وعدم قدرة السيطرة عليه، بما يستدعي إيقاف الدراسة بالمدارس والجامعات وكل الأنشطة التي تشهد تجمعات، ما جعل مجلس الوزراء يعلق الأنشطة والاحتفالات وألغت وزارة الثقافة المهرجانات، وتقرر تنظيم المباريات من دون جمهور، ومع هذا قالت وزيرة الصحة إن الأمر لا يستدعي إيقاف الدراسة، والأمر نفسه قاله وزير التعليم..
علما أن المدارس والجامعات المصرية مكدسة بالطلاب والهيئة التدريسية والإدارية، وكان يجب مراعاتهم صحيا من اكتشاف الإصابة الأولى في مصر، خصوصا أن الفيروس مميت وليس له علاج حتى الآن، كما حذر علماء من أنه قد يصبح دائما أو موسميا، ولا يمكن التصدي له، حتى بعد اكتشاف علاج له لأن الفيروس المستجد يغير شكله وخصائصه دوما.
بين التهوين من خطورة المرض في مصر والتهويل والهلع منه في دول أخرى تخشى على مواطنيها، أعيد تداول فيديو سابق لوزيرة الصحة الفنلندية تتحدث فيه عن مخطط أميركي لإبادة ثلثي البشر من خلال "حرب الجراثيم"، مشيرة إلى تواطؤ منظمة الصحة العالمية مع أمريكا لنشر الفيروسات وتحقيق أهدافها من دون أن تتكبد خسائر كالحرب الاعتيادية.
اقرأ أيضا: انتهى وقت «إغواء النساء»
وقالت الوزيرة الفنلندية، "إن أميركا أجبرت منظمة الصحة العالمية على تصنيف انفلونزا الخنازير كوباء لجعل التلقيح إجباريا لا خياريا، خصوصا للشرائح المستهدفة من الجيل الجديد وهم الحوامل والأطفال، لكن حكومتها رفضت التصنيف وجعلت درجة المرض عادية كي لا يجبر أحد على التلقيح، فلا أحد يعرف تأثير اللقاح بعد سنة أو سنوات أهو عقم أم سرطان أم غيره من الأمراض؟!
دعم اتهام الوزيرة الفنلندية للولايات المتحدة ما نشره الموقع الأمريكي "ناشيونال إنترست" عن اعتقاد سياسيين روس بأن فيروس "كورونا" قد يكون "سلاحا بيولوجيا أمريكيا يستهدف روسيا والصين".
فكرة المؤامرة أعادت إلى الأضواء رواية للكاتب الأمريكي دين كونتز، نشرت مطلع الثمانينيات عن مختبر عسكري صيني في ووهان، أنتج فيروسا يصيب الجهاز التنفسي كجزء من برنامج الأسلحة البيولوجية، وكانت مدينة ووهان الصينية هي البؤرة التي انتشر منها الفيروس في يناير 2020 إلى العالم كله، فهل كانت الرواية رسالة أمريكية إلى العالم عما سيجري، مثلما يحدث في كثير من أفلام الخيال العلمي التي تنتجها هوليوود؟!