«خطاب مفتوح» إلى الوزراء الجدد ونوابهم
بينما ينشغل علماء الأحياء بدراسة دورة حياة النباتات والحشرات والكائنات بصفة عامة وصولاً لتحقيق نمو وزيادة فيما له أهمية مثل ثمار الفاكهة والمحاصيل أو القضاء على ما قد يُسبب ضررًا للإنسان وذلك بقطع إحدى حلقات سلسلة تطور الكائن الضار، بينما لم ينشغل المختصون بمكافحة الفساد بمتابعة وملاحقة دورة حياة القيادات فى المواقع القيادية
ليس المقصود أبدًا بدورة حياة القيادات فى المواقع القيادية هو مفهوم الحياة من منظور بيولوجي، وإنما المقصود بالطبع هو دراسة مراحل تطور القيادة بهدف قطع إحدى حلقات سلسلة الفساد المحتمل حدوثه، وتحديد أسبابه في كل مرحلة من مراحل تطور القيادة، وبالتالي المساعدة في إصلاح المنظومة الإدارية
نقول ذلك ولا يفصلنا عن انتقال الوزارات والجهات الحكومية الى العاصمة الإدارية الجديدة سوى شهور قليلة، وهو ما نأمل معه أن تكون فرصة للارتقاء بالعنصر البشري بما يتناسب مع ارتقاء البنيان، ولأنه لم يعد هناك فرصة أفضل من هذا الانتقال لضمان بداية جديدة وقوية، ولن تكون البداية كذلك الا بعد طعن مواطن الفساد المالي والإداري بكافة صوره في مقتل، ولن يتم ذلك إلا بعد دراسة دورة حياة القيادة دراسة حقيقية
أحكام مجلس الدولة بين الدستور وقاضي الأمور المستعجلة
وتبدأ دورة حياة القيادة في المرحلة النهائية للقيادة السابقة، وقد تصل هذه المرحلة لأكثر من عام، خاصة في الجهات والهيئات التي يمكن أن يتوقع العاملون فيها إسم القيادة القادمة، حيث يبدأ المُغرِضون فى التقرب للقيادات المحتملة، ويظهر حَمَلَة المباخر من المنافقين، وكلٌ منهم يعرض بضاعته الزائفة، فهذا يُقدم خدماته، وذاك يبادر بالسلام والاطمئنان على صحة القيادة المُحتملة، وأخسهم الذى يؤكد له أنه رآه فى المنام وهو فى المنصب الرفيع.
أحكام القضاء حبر على ورق.. بأمر وزير التعليم
وتأتي المرحلة السابقة مباشرة لتولي القيادة، حين يبدأ رجال القيادة السابقة بالقفز من المركب والادعاء بأن القيادة الحالية لا تصلح، ثم يَدَعون حرصهم على الصالح العام، ويُعلنون للقيادة المحتملة أنه «المهدي المنتظر» لإصلاح ما أفسده السابقون - وهي مرحلة ما قبل التألية - ويعددون عقب ذلك مساوئ السابقين، وهم في ذلك لا يبتعدون عن محاريب الصلاة، ولا تفارق ايديهم المسابح، وما زالت القيادة المُحتملة في «طور الخمول» يتقرب الى الله ويعهد بأن يكون قدوة حسنة للأجيال القادمة، وتُراوده أحلام اليقظة التي لم يجد لها المتخصصون في مكافحة الفساد مصلاً واقياً من زرع جينات الفساد إذا لم يكن فاسدًا منذ مراحل سابقة
حكاية القائم بالأعمال مع التعليم الخاص بالقاهرة
وحين يصدر قرار التعيين تجد الأفاقين أول من يهنئون، والمحترمين من أصدقائه الحقيقيين يتوارون حتى لا يتسخَّ ثوب كرامتهم، فلا يذهبون إلا إذا طُلِبُوا، ولا يطلبون منصبًا، ولا يدعون معرفتهم ببواطن الأمور، وإذا حضروا فعلى إستحياء، وإذا ذهبوا فمن علياء، فياليت المتخصصين فى مكافحة الفساد يصلون الى مصلٍ يُبصِر القيادة بالصادق ويميزه عن المنافق في هذا الطور بالذات من أطوار القيادة
من يُنهي ندب مستشار التعليم.. القضاء أم الدستور؟
وتتعدد الأطوار بعد ذلك حتى تبقى مرحلة ما قبل إنتهاء مدة القيادة حين تصطدم القيادة بالحقيقة المُرة وتعلم أنها كانت وسيلة لفساد كل فاسد، وأنها غرقت في التفاهات والتفتت الى الحوافز والبدلات، ونست الصالح العام الذي عاهدت الله على الحفاظ عليه، ولم يبق إلا الرحيل المؤلم، بعد هروب الجبناء من حوله، وأختلال عجلة القيادة بيده، وهنا يدرك أن هناك من يمكنه أن يعمل بجد ويحمل الراية ولكن لا وقت لذلك، أنه وقت جمع الاوراق استعداداً للرحيل.. وللحديث بقية