الأمن والسياسة!
لا غنى للسياسة بالتأكيد عن الأمن.. لكن هذا لا يعنى أن يقود الأمن السياسة ويوجهها ويختار لها خططها وممارسيها وتشكيلاتها وتنظيماتها، بل المفترض أن تقود السياسة الأمن وتحركه وتوجهه وتحدد له أهدافه..
السياسة تحتاج للأمن لأنه يوفر لها معلومات عن حالة المجتمع في كل مناحي الحياة، ويبصر المنخرطين فيها بالتحديات والمخططات التى يتم إعدادها سرا للنيل من البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا..
أما أن يتجاوز الأمن ذلك في العمل السياسى فإنه يفسده ويشوهه ويفرغه من مضمونه ويجعله غير قادر على تحقيق أهدافه، لأنه يفقد مؤسساته مهما ضمت أفضل الأشخاص وأمهر الكوادر الفعالة والقدرة على اجتذاب الناس والتأثير فيهم وكسب أصواتهم فى الانتخابات.
ولذلك يتعين على أى مجتمع ينشد عملا سياسيا فاعلا ومؤثرا في المجتمع أن يصوغ علاقة صحية وسليمة بين الأمن والسياسة ليجعل السياسة لا تقاد من الأمن، وإنما يجعلها تقود نفسها مع استفادتها بالطبع من الأمن.
وهذا ما يحدث فى كل الدول التى استقرت على إعلاء شأن العمل السياسى فيها ليصير هو سبيلها لتشكيل السلطة فيها، وتداولها بين الأحزاب المختلفة بعد الاحتكام لصناديق الانتخابات.
أي أن المعادلة الفاعلة والسليمة مجتمعيا هى أمن في خدمة السياسة لا أمن يقود السياسة ويوجهها ويختار لها الكوادر التى تمارسها وتخوض المنافسات الانتخابية.
والأخذ بهذه المعادلة يفيد الأمن والسياسة معا، بل ويفيد المجتمع كله. ويخفف العبء الكبير الملقى على الأمن ويمنح السياسة فرصة للازدهار والاحتفاظ بثقة الناس، ويقوى مناعة المجتمع في مواجهة ما يحاك ضده من مؤامرات داخلية وخارجية ويحقق استقرارا سياسيا وتماسكا وطنيا.