العرب ورقعة الشطرنج الأمريكية (1)!
الغرب والأمريكان يفكرون ويخططون ويكتبون ثم ينفذون بدم بارد، ونحن على العكس تماما، بل لا نكلف أنفسنا أن نقرأ ما يكتبون حتى لا نفاجأ بما يفعلونه فينا الآن.. على سبيل المثال من يريد أن يفهم بعض ما يجرى الآن، ليس في المنطقة العربية فحسب، ولكن في العالم كله، والحرب الأوكرانية الروسية على سبيل المثال ويساعدنا على فهم الأسباب التي دفعت روسيا بقيادة الرئيس بوتين على القيام بالعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.
الدراسات الاستراتيجية التى تصدر في الغرب، ورغم أن المعلن منها قليل، لكنه دال على أية حال، مثلا بالرجوع الى عام 1997، أه والله، منذ أكثر من 27 عاما وبقراءة كتاب رقعة الشطرنج الكبرى: الأولوية الأمريكية وضروراتها الجيوستراتيجية، The Grand Chessboard: American Primacy and Its Geostrategic Imperatives، وهو واحد من الكتابات المهمة للأمريكى زبيغنيو بريجنسكي (بولندى الاصل) أستاذ السياسية الدولية في جامعة جونز هوبكنز، ومستشار الأمن القومى في البيت الابيض في الفترة من 1977 إلى 1981، يشرح الكتاب المنشور عام 1997 ما يحدث الآن وبالتفصيل!
في البداية ينطلق الكتاب من مبدأ المحور الجغرافي للتاريخ، ويصف الصراع العالمي بأنه يدور على رقعه شطرنج تمثل منطقة أوراسيا التى تضم قارتى أوروبا وأسيا حيث يرى مع العديد من المفكرين الاستراتيجيين ومنهم الإستراتيجي البريطانى هالفورد ماكيندر أن من يحكم أوروبا الشرقية يسيطر على قلب أوراسيا، ومن يحكم منطقة القلب يسيطر على جزيرة العالم، ومن يسيطر على الجزيرة يسيطر على العالم كله.
وبوضوح يصف برجينسكى الحرب الباردة التى إنتهت بإنهيار الإتحاد السوفيتي بأنها كانت صراعا على السيطرة على أوراسيا تحت غطاء ايديولوجي.. ولم يصمت برجنسكى عند هذا الحدد بل حدد في كتابه كل التحالفات التي يجب أن تقوم بها واشنطن للسيطرة والهيمنة بشكل مباشر وغير مباشر كي تضمن زعماتها للعالم.
وما يجري الآن في أوكرانيا نجده عند سيناريوهات برجنسكى منذ 1997 (قبل ظهور الرئيس الروسي بوتين على المسرح) بقوله روسيا ستموت، ويستحيل أن تتحول إلى امبراطورية إلا بالسيطرة على أوكرانيا، ليس فقط لأن أوكرانيا تعد مدخلا لروسيا على البحر المتوسط عبر أوديسا التي تعتبر البوابة الحيوية لروسيا، بل أيضا أن روسيا بدون أوكرانيا تصبح روسيا غير أوروبية..
لأن أوراسيا هي الجزيرة التي تضم أوروبا وأسيا وتمتد من المحيط الإطلنطي غربا إلى المحيط الهادي شرقا، ويعتبرها بعض المحللين قارة واحدة وأكبر قارات العالم والمحور المركزي في مجال الجغرافيا السياسية "الجيوبوليتك"، ويعيش فيها أكثر من 75% من سكان العالم وتكمن في أراضيها معظم الثروات البشرية سواء كانت مدفونة تحت الأرض أو ظاهرة في المشاريع والمصانع والأعمال، وتنتج ثلاث أرباع مصادر الطاقة المعروفة في العالم، وحوالي ثلثى الناتج الإجمالي القومي العالمي.
وأوراسيا هى مركز العالم ببحارها الخمس (المتوسط والأسود والأحمر والخليج العربي وبحر قزوين)، ومن يسيطر علي هذه البحار يصبح المتحكم في اقتصاد العالم وشريانه الحيوي أي النفط، ولا يتم السيطرة على هذه البحار إلا من الدول المحيطة بها وهي تركيا والعراق وإيران وسوريا..
بالإضافة إلى مضيق هرمز الذى يعبر منه أكثر من 16 مليون برميل نفط يوميا، ومضيق الدردنيل في تركيا الذى يصل البحر الأسود بالبحر المتوسط ويمر به 3 ملايين برميل يوميا، ويعتبر مفتاح السيطرة على أوراسيا التى يقسمها برجينيسكي إلى ثلاث أقسام..
القسم الأول وهو القلب القاري وهي روسيا الاتحادية 17 مليون كم مربع، والقسم الثاني هلال كبير من الدول الساحلية أو هي أرض الحافة وتشمل كل أوروبا وشبه الجزيرة العربية والعراق ودول أسيا الوسطى (إيران وافغانستان والهند وجنوب شرق أسيا والصين الشعبية والكوريتين). ويرى المفكرون أن الحرب العالمية الثانية قد حدثت بهدف السيطرة على هذا النطاق الساحلي..
أما القسم الثالث فيشمل منطقة الإرتطام التي سوف تشهد الصراع من أجل السيطرة على مواردها وممراتها المائية.
يعتبر برجينسكى أن أوراسيا هي رقعة الشطرنج التي يتواصل فوقها الصراع من أجل السيادة العالمية، اللاعبون كثيرون والجائزة الكبرى هي الهيمنة على العالم. وروسيا يعتبروها المفكرون بمثابة القلب الذي يجب أن تسيطر عليه القوة العسكرية الطامحة للتحكم في العالم.
وروسيا هي قلب القوة البرية غير مجاورة لبحار رئيسيه مما يجعلها في حاله قلق وعدم أمان ومحكومه بضرورة التوسع والتمدد بسبب نقاط الضعف في موقعها الجغرافي، ويجعلها تتذرع بالطابع الهجومي لمواجهة الصراع العالمي من أجل السيطرة عليها ومحاولة خنقها، بعد انهيار الاتحاد السوفيتى وتفكك دوله وسيطرة واشنطن على زعامة العالم، وانتهاء الحرب الباردة التى حجمتها القوى النووية.
لذلك اتخذ الصراع شكل الحروب الساخنة التي لم تتعد الأسلحة التقليدية في المنطقة المحيطة بروسيا مثل كوريا وفيتنام ومصر وإسرائيل وأفغانستان وحرب الخليج الأولى والثانية، وكان هدف هذه الحروب بين الكتلة الشرقية والكتلة الغربية محاولة كل قطب اكتساب مواقع جديدة أو منع القطب الآخر من تحقيق مكاسب على هذه الرقعة.
أوراسيا في الفكر الاستراتيجي ليست جغرافية فقط إنما هي فكر وتخطيط واستراتيجية ومن أجل ذلك لابد من السيطرة على روسيا وحصارها مع جميع الدول التي عانت من العولمة والقطب الواحد، وعلى رأس هذه الدول البلاد العربية من خلال حروب السويس و1967 والخليج الاولى والثانية، وحرب 73 وتمزيق سوريا وحرب اليمن وحرب ليبيا والسودان..
وتمدد حلف شمال الإطلنطي -الناتو-، بضم أغلب دول أوروبا الشرقية التي كانت موالية للاتحاد السوفيتي، ثم التمدد لحدود روسيا لضم الدول التي كانت جزءا من الإتحاد السوفيتي مثل جورجيا وأوكرانيا ولتوانيا وأسيتونيا ولاتيفيا.
هل فهمنا الآن ما يحدث في غزو ولبنان وسوريا والعراق وإيران، والباقى أخطر، والغريبة أنه مكتوب ومعروف منذ سنوات طويلة، وانتقلنا الآن إلى مرحلة التنفيذ وبعضنا عمى صم لايفهمون!
وللحديث بقية
yousrielsaid@yahoo.com
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا