ترامب وروسيا.. ما بين الانفراج وعدم اليقين
ستشهد العلاقات الأمريكية الروسية في ولاية ترامب الثانية تغيرًا نوعيًا لا شك في ذلك. ومع ذلك، من الصعب التكهن بحدود هذا التغيير ونمطه وتداعياته. إذ يسود حالة من التفاؤل بانفراجه واسعة في العلاقات بين القوتين إثر إصرار ترامب على إنهاء الحرب الأوكرانية.
وواقع الأمر، أن حدود وتشابكات العلاقات بين الدولتين من التعقيد بمكان بحيث تتجاوز الحرب الأوكرانية. وحتى في الأخيرة فإنهاء الحرب ليس بالسهولة التي صورها ترامب للعالم أثناء حملته الانتخابية، حين قال: بأنه سينهى الحرب في 24 ساعة.
لا شك أن الحرب الأوكرانية تشكل أخطر تحدى في مسار العلاقات بين الدولتين، هذا مع الوضع في الاعتبار إصرار ترامب الصادق على إنهائها، ليس لأجل سواد عيون موسكو، بل من منطلق عدة اعتبارات ربما أهمها إثبات ترامب للأمريكيين على صدقه في الوفاء بوعوده، واستنزافها للخزينة الأمريكية، وعبثية استمرار هذه الحرب في ضوء ميول ترامب الانعزالية.
قد بدا من مجمل تصريحات ترامب من الحرب الأوكرانية، وإصراره الكبير على إنهائها باعتبارها الملف ذات الأولوية الرئيسية خلال الأسابيع الأولى من ولايته الثانية. فضلا عن نهج ترامب في السياسة الخارجية؛ قد بدا أن ترامب لا يمانع في منح أوكرانيا بأكملها لروسيا مقابل إنهاء الحرب.
لكن خبراء صنع السياسة الخارجية الأمريكية على وعى تام أن القرارات شديدة الحساسية في السياسة الخارجية لاسيما قرار إنهاء حرب أو التفاوض عليه؛ لا يكون بيد الرئيس الأمريكي وحده، أو مطلق الصلاحية فيه.
إذ هناك مجموعة دوائر داخلية نافذة شديدة التأثير على الرئيس في مثل تلك القرارات. وتلك الحقيقة الراسخة قد تبدت في الخطط المقترحة من أعضاء إدارة ترامب لإنهاء الحرب والتي من بينها مقترح نائبه دى فانس.
وعكست هذه المقترحات ثابت واحد فقط وهو التعهد بعدم انضمام أوكرانيا لحلف الناتو. بينما باقي بنود المقترحات قد شملت شروط من الصعب أن توافق عليها موسكو، فمقترح كيث كيلوج المعين كمبعوث خاص لواشنطن إلى روسيا وأوكرانيا، على سبيل المثال، قد تضمن قطع جزء من عائدات النفط الروسية لإعادة إعمار أوكرانيا.
ويعنى كل ذلك، أن ترامب لم يمنح بوتين صكا على بياض بشان أوكرانيا أو إنهاء الحرب. ففيما يبدو أن المقربين له من الدوائر الداخلية النافذة قد نصحته وحذرته في الوقت عينه من مغبة ذلك. فإنهاء الحرب ورقة مساومة أو ضغط قوية على موسكو يجب استثمارها على النحو الأمثل. علاوة على ذلك، يصدم إنهاء الحرب بعدة تحديات من بينها موقف الحلفاء الأوروبيين، مستقبل أوكرانيا ذاته.
وعلى هذا النحو يمكن الخلوص إلى أن مفاوضات إنهاء الحرب الأوكرانية ستستغرق وقتا ليس بالقصير، وربما لا تنتهى بالأساس إذا أصرت موسكو على تحقيق صفقة تاريخية كاملة-من الصعب أن تقبلها واشنطن وحلفائها وأوكرانيا- تشمل تعهدات قاطعة بعدم انضمام أوكرانيا لحلف الناتو، الإقرار بسيادة روسيا التامة على شبه جزيرة القرم، والمقاطعات الأربع المقتطعة من أوكرانيا.
وتتبقى نافذة إيجابية شبه مؤكدة في ولاية ترامب بشان الحرب الأوكرانية تتمحور حول إيقاف مؤقت طويل نسبيا للصراع، وتقليص المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيًا.
مع افتراض إنهاء الحرب أو حتى تجميدها، فلن يؤدى ذلك إلى حدوث انفراجه واسعة في العلاقات، بل ستستمر الصراعات في ولاية ترامب الثانية. يتداخل الصراع الأمريكي الروسي مع أخطر صراع لواشنطن، ونقطة التركيز الرئيسية لترامب وهو الصراع مع الصين.
تعد روسيا الحليف الاستراتيجي الرئيسي للصين، فالقوتين في تناغم شبه تام على الساحة الدولية بهدف واحد معلن كسر الهيمنة الأمريكية، وهو ما يتبدى جليا في توسع تحالف البريكس بدعم منهما.
وفى خضم هدف ترامب المعلن بتحجيم القوة الصينية خاصة عبر الحروب التجارية، ستكون روسيا في مرمى ضغوط ومضايقات لا حصر لها من جانب واشنطن في محاولة لإضعاف هذا التحالف، أو إبعاد موسكو عن بكين وهو ما لا يمكن تصوره من قبل موسكو حيث الثقة غير المحدودة في بكين.
وتتخلل العلاقات أيضا مجموعة من القضايا الخلافية العسيرة عن الحل من بينها حروب أسعار النفط، والحروب السيبرانية، والدعم الروسي لإيران، والتحالف الروسي العسكري مع كوريا الشمالية.
خلاصة القول، من المرجح أن تشهد العلاقات بين روسيا وواشنطن في ولاية ترامب قدرا من الانفراج أو التهدئة. ومع ذلك، إن رسم سيناريوهات شديدة التفاؤل للعلاقات الأمريكية الروسية في ولاية ترامب الثانية، وذلك استنادا إلى إعجاب ترامب ببوتين، أو العلاقات الجيدة بين البلدين في ولاية ترامب الأولى، أو إنهاء الحرب الأوكرانية؛ لا تعد سيناريوهات واقعية تلامس جوهر الصراع بين القوتين في وقت شديد الحساسية، حيث يتم فيه إعادة ترتيب للنظام الدولي، كذلك لا تلامس طبيعة السياسة الواقعية التي تصنع وراء الكواليس والحاكمة للعلاقات بين الدول منذ الأزل.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا