قتيل في الفصل!
لا ينبغي أن تمر ولا يصح أن تمر جريمة وفاة مدرس الحلمية الإعدادية بالمقطم أول أمس مرور الكرام.. نحن أمام مدرس أبلغته ابنته أن مدرسها لللغة الإنجليزية صفعها لاتهامه لها بالإهمال في دروسها.. فأبلغها أنه لن يترك الأمر يمر هكذا.. وأنه سيعيد إليها حقها!
في اليوم التالي ذهب المدرس ولي الأمر.. وقد تخلف عن الذهاب إلي مدرسته هو ليذهب إلي مدرسة ابنته ليؤدب مدرسها الذي قيل له إنه صفعها أمس.. وهناك تشاجر معه في الفصل أمام تلامذته.. وكلمة من هذا وكلمة من الآخر انتهت بضربة أسقطت مدرس الإنجليزي علي الأرض.. فاقدا الوعي..
تصوروا أنه أغمي عليه.. صرخوا.. انهار التلاميذ.. سارعت الإدارة إلي إبلاغ الإسعاف الذي وصل لتفشل كل محاولات إنقاذه وتصعد روحه إلي بارئها!
تم القبض علي المدرس القاتل.. الذي قال إنه لم يقصد قتله.. وإنما كان عتابا تطور إلي مشاجرة وانتهت بما انتهت!
قبل فترة ناقشنا الاعتداء علي المدرسين بمدارسهم وأثناء تأدية عملهم.. في إحداها كان صاحب نفوذ تصور أنه فوق القانون.. الآن وصلنا إلي أن العدوان يتم من مدرسين أيضا! أي عدوان علي مؤسسات تعليمية ومدارس من معلمين ينتمون إلي ذات المؤسسة وإلي المهنة نفسها! فماذا بعد؟!
الحادث في منتهي الخطورة.. فلا نعرف أصلا صدق أم كذب الابنة التلميذة.. وأمام أولياء أمور يدللون أولادهم إلي حد إفسادهم.. بل إن تصرف الأب المتهور يوحي بإهمال إبنته بالفعل في تعليمها.. لا يبرر ذلك صفع الابنة لكن.. وما الذي يؤكد تعرضها للصفع أصلا! الشجار داخل الفصل قرينة علي خطأ ولي الأمر وإلا لكان العتاب في مكتب مدير المدرسة!
الأخطر بخلاف العدوان علي مؤسسات العلم والتعليم.. أننا أمام مئات التلاميذ مات مدرسهم أمامهم.. في معركة كانت مرعبة في كل الأحوال.. خارجة عن كل قيمة.. يحتاجون وخاصة الفصل الذي شهد الواقعة إلي تأهيل نفسي عاجل..
وبين المدرس القاتل والمدرس القتيل نقف أمام تدهور حاد في أخلاقيات التعليم عامة.. وهو ما يحتاج لأن نحاربه بكل قوة، وسنحاربه بكل قوة.. في التعليم قبل الجامعي والجامعي نفسه! ولنا في ذلك -مستقبلا- وقائع وأحداث ومستندات وتفاصيل -بكل أسي- مثيرة جدا!