.. ولايزال الحديث عن انتصار أكتوبر مستمرا!
شاركت في ندوة عن إنتصارالسادس من أكتوبر، نظمته جمعية القاهرة الخيرية الأرمنية، والحقيقة كان لقاء مختلف وله مذاق أكثر من رائع، شاركت اللواء البطل محيى نوح، البطل البلدوزر حاتم عبداللطيف، ونخبة رائعة من الجمهور التى ضاقت بهم القاعة، وكان هناك من ظل واقفا طوال ساعتين ولم ينصرف..
بدأ اللقاء بالسلام الوطنى وتفاعل الحاضرون معه، ثم بدأ اللواء محيى نوح حديثه قائلا: كان من حظى أنى شاركت في معارك اليمن والإستنزاف وإنتصار أكتوبر، في اليمن تدربت تديريبا خاصا على المعارك في الجبال والكهوف، وكان أعظم تدريب لنا في اليمن، أفادنا كثيرا في حربنا في الاستنزاف، بعد حرب يونيه 67 بثلاثة أسابيع فقط، وحتى في حرب أكتوبر73..
شاركت فى معركة رأس العش كنا فصيلة، تصدت إلى قوة من 13 دبابة، ومدفعية، وآليات أخرى، استطعنا إيقاف هذه القوة ومنعها من إحتلال بورفؤاد، ولم تكرر إسرائيل محاولة إحتلال بورفؤاد حتى إنتصار أكتوبر..
وأذكر أيضا عندما علمنا أن رئيسة الوزراء الاسرائيلية جولدا مائير، ستقوم بزيارة لجنودها في مطار الطور، لرفع معنويات جنودها بعد ضربات القوات المصرية لهم وافقادهم توازنهم في سيناء، بعد أن إعتقدوا أن خسارة مصر فى يونيه 67، لن تقوم لها قائمة وسيعيشون في هناء في سيناء، وهو ما لم يحدث، وكان ذلك يوم 2 من مايو 1970..
تم تكليفنا كمجموعة "39 قتال" بقيادة البطل إبراهيم الرفاعى بتدمير المطار قبل وصولها، وكان ذلك اليوم عاصف للغاية، والموج هائج، إنقلب القارب وأصبحت في المياه، وأكاد أغرق، وكنا أبلغنا القيادة بأن مياه البحر هادئة حتى لا يصدر قرار بإلغاء العملية حرصا على حياتنا..
وأنا أكاد أغرق جأتنى صورة إبنتى المولودة حديثا، قائلة: أنت لم ترحب بى ولم تفرح ولكن أنا سأنقذك! لم تنتهى ابنتى من كلماتها حتى وجدت نفسى في القارب، وحكاية إبنتى عندما رزقت بها وكان ذلك في المستشفى، عندما علمت بأن المولود بنت، غضبت وتركت المستشفى، وكنت ممن يحبون الأولاد دون البنات..
ولكن هذه الحادثة غيرت نظرتى وأصبحت أحب البنات أكثر من الأولاد، أعود لمعركة مطار الطور، وصلنا للمطار وقمنا بتدميره، ولم تستطع جولدا مائير من دخول المطار المدمر، وعادت هى في أسوأ معنويات بدلا من رفع معنويات جنودها..
وأضاف اللواء محى نوح: مجموعة "39 قتال" نفذت 92 عملية، ضربنا فيها داخل إسرائيل، دمرنا 17 دبابة، و77 مركبة، وقتل 49 صهيونى، وجرح أضعاف هذا الرقم، وتدمير مركبات كثيرة، والحصول على أول أسير..
ونحن كمجموعة بقيادة البطل إبراهيم الرفاعي قمنا بالثآر لإستشهاد الفريق عبدالمنعم رياض، وأصبت في هذه المعركة ونقلت إلى المستشفى وجاء الزعيم جمال عبدالناصر، لزيارتنا في المستشفى وقال لى: أنتم من ستحررون الأرض! وأكمل اللواء محى نوح قائلا: في حرب أكتوبر73 دمرنا خطوط الإمداد، ومحطات البترول، ومراكز القيادة الخلفية.
أما اللواء حاتم عبداللطيف فقال: في السادس من أكتوبر لم أكن أعرف بالحرب والعبور إلا في الساعة العاشرة صباح نفس اليوم، وسنتحرك للعبور الساعة الثانية عشر، وهنا أريد أن أحدد أسباب الإنتصار، فالبطل الأول هو الأم المصرية التى ضحت وبذلت أقصى ما لديها من أجل الوطن، ولم تبخل بالجهد والدم من أجل مصر..
البطل الثانى هو الشعب المصرى الذى تحمل ست سنوات من التقشف، ولم يشكو من نقص أى مواد غذائية، أو أى شىء، وتحمل غياب الأب أو الإبن الذى يقف على الجبهة، البطل الثالث هو الجندى الذى لم يكن يحصل إلا على إثنين من الجنيهات راتبا شهريا، ولكنه كان يؤمن برسالته تجاه بلده، هذاالجندى كان يستقتل بشراسة وإيمان، هؤلاء أسروا 43 أسيرا من خلال مجموعتى فقط، أنا مجرد فرد ولكن القائد برجاله فهم الذين يستحقون كل تقدير وإحترام.
وأضاف اللواء حاتم عبداللطيف: مع اللواء عبدالجابرأحمد تم تدمير 140 دبابة، تم قتل 120 جندى إسرائيلى، وشاركت مع اللواء حسين طنطاوى معركة المزرعة الصينية، ولابد أن أذكر هنا بعض أسماء الأبطال وهم إبراهيم محمد صقر، شحتة الهابط الذى كنت أعطيه سيجارة على كل دبابة يدمرها، ونصف سيجارة على على عربية عسكرية..الخ
وقبل أن ينهى اللواء حاتم عبداللطيف كلماته قال: فوجئنا بعد العبور بأحد الأفراد يرتدى جلابية، فاذا به مواطن قفز في المركب قائلا:خدونى أموت معاكم أو ننتصر بكم!
وكانت الدموع في عين اللواء حاتم عبداللطيف وهو يقول: إفرحوا بلدكم حلوة وتستاهل منا التضحية ولا تخافوا عليها أبدا!
وكانت هناك مفارقات كثيرة منها جار الشهيد إبرهيم الرفاعى والذى تربى مع سامح الرفاعى وليلى الرفاعى أبناء الشهيد إبراهيم الرفاعى، وكان هناك ثلاثة من الحاضرين قدموا عرضا عن حرب أكتوبر منهم حفيدة الرسام العبقرى صاروخان التى قامت بدور جولدا مائير، ولنا عودة للكتابة عن هذه المفارقات، تحية إلى الدكتور جورج نوبار رئيس مجلس إدارة جمعية القاهرة الخيرية الأرمنية.. وتحيا مصر.