رئيس التحرير
عصام كامل

أبو الخير يعيد توفيق الدقن للحياة بعد 58 عامًا

 شخصية أبو الخير التي جسدها الفنان الراحل توفيق الدقن، في فيلم مراتي مدير عام (1966)، واحدة من الشخصيات الكوميدية التي أثرت في ذاكرة المشاهد.. فالفيلم تناول قصة موظف حكومي يتعرض لعدة مواقف طريفة بسبب تعيين زوجته كمديرة له في نفس المؤسسة، وحمل الفيلم الكثير من الرسائل الاجتماعية التي ما زالت صالحة إلى يومنا هذا.

 

الموظف الانتهازي والمحتال 

 شخصية أبو الخير في الفيلم كانت رمزًا للموظف الانتهازي والمحتال الذي يستغل أي فرصة للتسلق الاجتماعي أو المصلحة الشخصية على حساب المبادئ، من خلال تصرفاته الملتوية وأحاديثه الملتبسة، يعكس أبو الخير نموذجًا لشخصية قد نجدها في بعض المؤسسات حتى اليوم.

في الفيلم، استطاع توفيق الدقن، بمهاراته التمثيلية وحضوره القوي، أن يُجسد هذه الشخصية بطريقة جعلتها مرادفة للفساد الإداري واستغلال السلطة، الطريقة التي تحدث بها أبو الخير، سواء في التحايل أو في أسلوبه المتملق، أصبحت مرجعًا ساخرًا يُستخدم لوصف بعض السلوكيات السلبية في المصالح الحكومية وغيرها.

 

انتشار شخصية أبو الخير

على الرغم من مرور عقود على عرض الفيلم، إلا أن شخصية أبو الخير لا تزال تعيش بيننا بفضل التشابه الكبير بين ما قدمه الفيلم وما يحدث على أرض الواقع، العديد من الموظفين أو العاملين بالمؤسسات يعلقون على أنماط معينة من التصرفات بوصف أصحابها بأنهم مثل أبو الخير، في إشارة إلى شخصية انتهازية تسعى لتحقيق مصالح شخصية على حساب العمل العام.

 

يعود هذا الانتشار إلى بعض الممارسات التي قد توجد في بعض المؤسسات والتي تتضمن التملق، الفساد، الرغبة في التقرب من الرؤساء لتحقيق مكاسب شخصية، أو تجنب المسؤوليات بطرق ملتوية، كل هذه الصفات تشابه إلى حد كبير ما قدمه توفيق الدقن في شخصية أبو الخير، وهو ما جعلها تتردد في أذهان المصريين حتى اليوم.

 

دور الفن في نقد المجتمع

الفن وبالأخص السينما، دائمًا ما يعكس الواقع الاجتماعي ويعبر عنه بطريقة كوميدية أو درامية، وفيلم مراتي مدير عام يعتبر من الأفلام التي نقدت المجتمع في تلك الفترة، من خلال إبراز مشاكل التحايل والانتهازية داخل الجهاز الإداري، وعلى الرغم من مرور السنين، إلا أن الأفلام مثل هذه ما زالت تُذكرنا بأهمية الإصلاح الإداري ومحاربة الفساد، حيث تعكس الشخصيات الكوميدية مثل أبو الخير صورة نقدية ساخرة للسلوكيات التي يجب الحذر منها.

 

 

في النهاية، يبقى توفيق الدقن بتمثيله العبقري لشخصية أبو الخير رمزًا للفن الذي يكشف ما يحدث خلف الكواليس في بعض المؤسسات، ليبقى الفن مرآة تعكس الواقع الاجتماعي، سواء في الماضي أو حتى في الحاضر.

الجريدة الرسمية