رئيس التحرير
عصام كامل

المسؤول الغريب سره باتع

في المجتمع المصري، وخاصة في محافظات مثل بني سويف، تبرز مسألة اختيار المسؤولين كأحد العوامل الحاسمة في نجاح الإدارة، وتشير التجارب إلى أن المسؤولين الذين يأتون من خارج المحافظة يتمتعون غالبًا بمزيد من الاحترام من قبل موظفيهم، حتى لو كانوا أقل كفاءة أو قدرة على شغل مناصبهم، يبرز هذا الأمر الحاجة إلى شخصية قوية وهيبة تحظى بالتقدير من مرؤوسيها.

 

الواقع أن المسؤول الذي يأتي من خارج المحافظة غالبًا ما يكون غامضًا، وهذا الغموض يساهم في تعزيز هيبته، فالأشخاص الذين لا يعرفهم الموظفون بشكل جيد يستطيعون أن يتحلوا بجاذبية واهتمام أكبر، مما يسهل عليهم القيام بمهامهم، هذا ما يجعلهم قادرين على اتخاذ قرارات حازمة دون التعرض لضغوط المحسوبية أو المجاملات.

 

وكلاء وزارات من بني سويف

تاريخيًا، نجد أن معظم المسؤولين الذين نشأوا في نفس البيئة أو المؤسسة يواجهون تحديات كبيرة في إدارة زملائهم، ذلك لأنهم قد يكونون تحت ضغط العلاقات الشخصية التي تعوق اتخاذ القرارات الجريئة، ويكفي أن نتذكر عددًا من وكلاء الوزارات في بني سويف من أبناء المحافظة، الذين لم يتمكنوا من إدارة الأمور بما يخدم المواطنين بل اكتفوا بخدمة مصالحهم الشخصية أو مصالح زملائهم.

 

المسؤول الناجح يحتاج إلى صفات متعددة، من بينها الحزم والقدرة على مواجهة التحديات، يمكن اعتبار فترة تولي اللواء أحمد عابدين منصب المحافظ استثناءً من القاعدة، فقد أظهر بأسه وحزمه في التعامل مع المواقف الحرجة، بما في ذلك الأزمات التي واجهها خلال فترة حكمه، حيث كان يتعامل مع تهديدات من بعض النواب دون تهاون.

 

لا كرامة لنبي في وطنه

إن فكرة الأمثال الشعبية من نوعية: «الشيخ البعيد سره باتع» و«زامر الحى لا يطرب» و«لا كرامة لنبي في وطنه» تعكس الحقيقة القاسية في كثير من الأحيان.. فالمسؤول المحلي قد يواجه عدم الاحترام أو التقدير من قبل موظفيه، بينما المسؤول القادم من بعيد يتمتع بمكانة أعلى، فالأمثال الشعبية في هذا السياق تشير إلى أن التقدير والاحترام يأتيان مع الغموض.

 

 

في الختام، يتضح أن الشخصية وهيبة المسؤول تلعبان دورًا كبيرًا في نجاحه، قد يكون من المفيد أن نفكر في ضرورة وجود نوع من الغموض والهيبة في اختيار المسؤولين، مما يمكنهم من اتخاذ القرارات المناسبة والخدمة الحقيقية للمواطنين. فالمسؤول الغريب قد يكون لديه 30% من أسباب النجاح، إذا ما حافظ على غموضه وابتعد عن المجاملات، وهذا ما يحتاجه المجتمع المصري في هذه المرحلة.

الجريدة الرسمية