انتكاسة الاقتصاد العالمي
الحرب آثارها مدمرة على جميع جوانب الحياة، وتدفع اقتصاد البلدان إلى الانهيار، وقد تجعل الدول التي تعاني الحروب تحت ضغط الديون لعقود طويلة ولا تتعافي منه مع انتهاء الحرب.. كما أصبح التضخم يشكل خطرا واضحا وحاضرا في بلدان عديدة، وحتي قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي تدخل عامها الثاني..
حيث سجلت معدلات التضخم ارتفاعا حادا نتيجة زيادة أسعار السلع الأولية واختلالات العرض والطلب، واتجهت بنوك مركزية كثيرة حول العالم مثل الاحتياطي الفيدرالي إلي تشديد سياستها النقدية، وتساهم الانقطاعات الناجمة عن الحرب إلي تفاقم هذه الضغوط، وتوقعات استمرار معدلات التضخم المرتفعة لفترة أطول كثيرا.
في الولايات المتحدة وعدد من البلدان الأوروبية بلغ التضخم أعلي مستوياته علي الإطلاق خلال 40 عاما، بالتزامن مع تشديد أسواق العمل وقد يؤدي ارتفاع أسعار الغذاء والوقود إلي زيادة ملحوظة في حجم القلاقل الاجتماعية المحتملة في البلدان الأكثر فقرا.
في ظل هذه الأوضاع الصعبة تكتسب السياسات الوطنية والجهود متعددة الأطراف دورا مهما وسيتعين علي البنوك المركزية تعديل سياساتها بشكل حاسم لضمان استمرار التوقعات التضخمية علي المدي المتوسط والطويل، وسيكون من الضروري التواصل بشكل واضح، وإعلان إرشادات استشرافية حول آفاق السياسة النقدية، للحد قدر الإمكان من خطر التصحيحات المركبة، وسيتعين علي عدة اقتصادات ضبط أرصدتها المالية..
غير أنه ينبغي ألا يحول ذلك دون توفير دعم حكومي للفئات السكانية المعرضة للمخاطر، ولاسيما في ظل أرتفاع أسعار الوقود والغذاء، ويمكن تنفيذ هذه الجهود من خلال إطار متوسط الأجل يتضمن مسارا واضحا وموثوقا، نحو استقرار الدين العام وهو ما قد يساعد في إتاحة الحيز اللازم لتقديم الدعم المطلوب.
علي العموم أصداء بعيدة وواسعة لتداعيات الحرب تزيد من وطأة الضغوط السعرية وتفاقم التحديات الملموسة علي مستوي السياسات آفاق الاقتصاد العالمي تشهد انتكاسة حادة.