رئيس التحرير
عصام كامل

شباب حول الرسول، المسور بن مخرمة "صائم الدهر"

المسور بن مخرمة صائم
المسور بن مخرمة "صائم الدهر"، فيتو

منذ فجر الإسلام، أحاط بـرسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، نخبةٌ من المسلمين الأوائل، في الوقت الذي آمن فيه فتيةٌ صغارُ السن بالله؛ حبًّا في النبي، وجهروا بالإسلام في شجاعة نادرة، رغم ما كان يكتنفُ البيئة المحيطة من تقديسٍ للأصنام، والأوثان، وإدمانٍ للأدران، وصمدوا بقوةٍ أمام ضغوطِ الآباءِ والأمهاتِ وعتاةِ المشركين.
تربَّوا في مدرسةِ الرسولِ، صلَّى الله عليه وآله وسلم، وحرصوا على مراقبة تصرفاته، وأنصتوا لنصائحه، وحفظوا أقواله، وفقهوا أحاديثه.
كانوا أصحابَ فكرٍ سديدٍ، فأعلنوا اتباعهم للنبي، وتمسكوا بدينهم، وبذل بعضهم روحه من أجل العقيدة، وبعضهم فاق الكبار علما وفقها وشجاعة.

إنهم "شبابٌ حولَ الرسول".

صحابي شاب، عاش حياة عريضة.. عاصر أحداث الفتنة الكبرى، فناصر الحق، ثم انضم إلى مؤيدي عبد الله بن الزبير حتى استشهد وهو يصلي في المسجد الحرام.. روى أحاديث نبوية مهمة.. وكان يصوم الدهر، ويكثر الصلاة، فرضي الله عنه وأرضاه.

هو المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة القرشي، وكنيته أبو عبد الرحمن. 
وُلِد بعد الهجرة بسنتين في مكة، فقدمت به أسرته إلى المدينة المنورة في عقب ذي الحجة سنة ثمان عام الفتح، وهو ابن ست سنين. فأدرك المسور سيدنا محمدا، صلى الله عليه وآله وسلم، وهو صغير، وسمع منه، لذا فهو يُعد في صغار الصحابة.
وتُوفي سنة 64 هـ، أو 65 هـ، وقيل: 70 هـ.

وكان أبوه مخرمة بن نوفل من سادات بني زُهرة بن كلاب، وأم المسور عاتكة وقيل الشفاء بنت عوف أخت عبد الرحمن بن عوف. 
تزوج جويرية بنت خاله عبد الرحمن بن عوف.

جهاده

بعد انتقال رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، بقيت أسرته في المدينة، ولزم المسور عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يحفظ عنه ويتعلم منه. 
ولما بدأت حملات الفتوح الإسلامية، شارك المسور في فتوحات العراق وفارس، وكان ممن شاركوا في معركة القادسية. 
وبعد الفتوح، عاد المسور إلى المدينة، حيث أقام بها، ولازم خاله عبد الرحمن بن عوف في ليالي الشورى التي حدّدها عمر بن الخطاب للستة الذين اختارهم للخلافة ليختاروا أحدهم فيما بينهم. 
ولما حُوصر سيدُنا عثمانُ بن عفان في آخر خلافته، بعثه عثمانُ بريدًا إلى معاوية بن أبي سفيان يستصرخه.

بعد اغتيال عثمان، سار المسور إلى مكة المكرمة فلم يزل بها حتى وفاة معاوية وتولي ابنه يزيد، حيث سخط (رفض) المسور إمرة يزيد، وانحاز إلى عبد الله بن الزبير. 
صار المسور من وزراء ابن الزبير الذين لا يقطع أمرًا دون مشورتهم. 
عن عطاء بن يزيد قال: كان ابن الزبير لا يقطع أمرا دون المسور بمكة.

 

طالع أيضا: شباب حول الرسول، خالد بن سعيد "أول مَن كتب بسم الله الرحمن الرحيم"

 

كان فقيها من أهل الفضل والدين، وهو معدود في المكيين، وكان لفضله ودينه وحسن رأيه يغشاه الخوارج وتعظمه وتنتحل رأيه، وقد برأه الله تعالى منهم.

وقال عنه الزبير بن بكار: كان من أهل الفضل والدين.

روايته للحديث النبوي

روى عن: خاله عبد الرحمن بن عوف وأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعمرو بن عوف القرشي والمغيرة بن شعبة وعبد الله بن عباس ومحمد بن مسلمة وأبيه مخرمة بن نوفل ومعاوية بن أبي سفيان وأبي هريرة.
روى عنه: علي زين العابدين وعروة بن الزبير وسليمان بن يسار وابن أبي مليكة وعمرو بن دينار وابنه عبد الرحمن وابنته أم بكر وسعيد بن المسيب وعوف بن الطفيل وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وأبو أمامة بن سهل بن حنيف وجهم بن أبي الجهم الجمحي وعبد الله بن حنين وعبيد الله بن أبي رافع ومروان بن الحكم.
وقال يحيى بن معين عن روايته للحديث النبوي: "مسور ثقة"، وقد روى له الجماعة.

قصته مع معاوية

عن عروة أن المسور أخبره أنه قدم على معاوية، سأله: يا مسور؛ ما فعل طعنك على الأئمة (يقصد بني أمية)؟ قال: دعنا من هذا، وأحسن فيما جئنا له. 
قال (معاوية): لتكلمني بذات نفسك بما تعيب عليّ؟ قال: فلم أترك شيئا إلا بينته، فقال: لا أبرأ من الذنب. فهل تعد لنا مما نلي من الإصلاح في أمر العامة، أم تعد الذنوب، وتترك الإحسان؟ قلت (المسور): نعم.
قال: فإنا نعترف لله بكل ذنب. فهل لك ذنوبٌ في خاصَّتك تخشاها؟ قال: نعم. 
قال (معاوية): فما يجعلك الله برجاء المغفرة أحق مني، فوالله ما لي من الإصلاح أكثر مما تلي، ولا أخيَّر بين الله وبين غيره إلا اخترت الله على سواه، وإني لعلى دين يقبل فيه العمل، ويجزى فيه بالحسنات، قال (المسور): فعرفت أنه قد خصمني، قال عروة: فلم أسمع المسور ذكر معاوية إلا صلى عليه.
(يروي المسور أن معاوية حاول الدفاع عن نفسه، فذكر للمسور أن له حسنات وأعمالا صالحة، واعترف بأن له أخطاءً وذنوبًا، فهو بشرٌ، فلم يستطع المسور إدانتَه، بل اعترفَ بأنه كان مخطئًا في شدة معارضته لمعاوية، ولم يعد يذكره بسوء، بل كان يترضى عليه كلما جاء ذكرُه).

المسور.. صائم الدهر

عن أم بكر، ابنته، أن أباها كان يصوم الدهر.. وكان إذا قدم مكة طاف لكل يوم غاب عنها سبعا، وصلى ركعتين.
وذكر الواقدي: حدثنا عبد الله بن جعفر، عن عمته أم بكر بنت المسور، عن أبيها، أنه وجد يوم القادسية إبريق ذهب بالياقوت والزبرجد، فنفله سعد إياه (أعطاه له سعد بن أبي وقاص، قائد جيش المسلمين)، فباعه بمائة ألف.

حديث خطبة رسول الله

وفي "مسند أحمد"، ورواه مسلم عنه؛ أن علي بن الحسين (رضي الله عنهما) ذكر أنهم قدموا المدينة من عند يزيد (بعد) استشهاد الإمام الحسين، رضي الله عنه، فلقيه المسور بن مخرمة، فقال: هل لك إليَّ من حاجة تأمرني بها؟ قلتُ (علي بن الحسين): لا. قال (المسور): هل أنت معطي سيف رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه. وايم الله لئن أعطيتنيه لا يخلص إليه أبدا حتى تبلغ نفسي. إنَّ علي بن أبي طالب خطب ابنةَ أبي جهل، فسمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا، وأنا يومئذ محتلمٌ، فقال: إن فاطمة بضعة مني وأنا أتخوف أن تفتن في دينها. ثم ذكر (صلى الله عليه وسلم) صهرا له من بني عبد شمس، فأثنى عليه في مصاهرته إياه، فأحسن، قال: حدثني فصدقني، ووعدني، فوفى لي، وإني لست أحرم حلالا، ولا أحل حراما، ولكن، والله، لا تجتمعُ ابنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وابنة عدو الله مكانا واحدا أبدا.

استشهاد المسور

لما دنا الحصين بن نمير، قائد جيش الأمويين، لحصار مكة المكرمة، أخرج المسور سلاحا قد حمله من المدينة ودروعا، ففرقها في موال له فرس جلد (أعطاها لبعض مواليه وكان معه فرس قوي)، فلما كان القتال، أحدقوا به (قاموا بحمايته)، ثم انكشفوا عنه، والمسور يضرب بسيفه، وابن الزبير في الرعيل الأول (في مقدمة الصفوف). 
وقتل موالي مسور من الشاميين (جيش الأمويين) نفرا. وقيل: أصابه حجر المنجنيق فانفلقت منه قطعة أصابت خد المسور وهو يصلي، فمرض، ومات في اليوم الذي جاء فيه نعي يزيد.
فعن ابنته، أم بكر قالت: كنت أرى العظام تنزع من خده. بقي خمسة أيام، ومات، رضي الله عنه.


وولي ابن الزبير غسله، وحمله إلى الحجون (جبل في مكة المكرمة، وتقع مقبرة المعلاة على سفح جبل الحَجُون إلى الشمال الشرقي من مكة على مفترق الطرق المؤدي إلى المسجد الحرام)، وإنا لنطأ به القتلى (نظرا لكثرتهم)، ونمشي بين أهل الشام (الجيش المغير)، فصلوا معنا عليه.. فقد علموا بموت يزيد، وبايعوا ابن الزبير.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية