شباب حول الرسول، حارثة بن سراقة "أصغر شهداء بدر"
منذ فجر الإسلام، أحاط بـرسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، نخبةٌ من المسلمين الأوائل، في الوقت الذي آمن فيه فتيةٌ صغارُ السن بالله؛ حبًّا في النبي، وجهروا بالإسلام في شجاعة نادرة، رغم ما كان يكتنفُ البيئة المحيطة من تقديسٍ للأصنام، والأوثان، وإدمانٍ للأدران، وصمدوا بقوةٍ أمام ضغوطِ الآباءِ والأمهاتِ وعتاةِ المشركين.
تربَّوا في مدرسةِ الرسولِ، صلَّى الله عليه وآله وسلم، وحرصوا على مراقبة تصرفاته، وأنصتوا لنصائحه، وحفظوا أقواله، وفقهوا أحاديثه.
كانوا أصحابَ فكرٍ سديدٍ، فأعلنوا اتباعهم للنبي، وتمسكوا بدينهم، وبذل بعضهم روحه من أجل العقيدة، وبعضهم فاق الكبار علما وفقها وشجاعة.
إنهم "شبابٌ حولَ الرسول".
أصغر شهداء بدر.. تقدم نحو رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، بخطى مترددة، يدعو الله في أعماقه أن يقبله الرسول، ويسمح له بالمشاركة في الجهاد.. لم يكن شاربه قد نبت في وجهه.. ومع تصميمه سمح له سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، بأن ينضم إلى فصيلة المراقبين، وهم الذين يجمعون المعلومات عن جيش العدو، وفي بدر لقي حارثة ربه شهيدا.
حارثة بن سراقة بن الحارث
هو حارثة بن سراقة بن الحارث بن عدي بن مالك بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار الأنصاري النجاري، وأمه الربيع بنت النضر، عمة أنس بن مالك.
وآخى رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، بينه وبين السائب بن عثمان بن مظعون الجمحي.
قال ابن سعد وابن عبد البر: "شهد حارثة بدرًا، وقُتِل يومئذ شهيدًا، قتله حبان بن العرقة بسهم وهو يشرب من الحوض، وكان خرج نظارًا يوم بدر (ممن يراقبون القتال على مرتفع من الأرض ولا يشاركون فيه)، ورماه فأصاب حنجرته فقتله، وهو أول قتيل قُتِل ببدر من الأنصار".. ويعتبر أصغر شهداء بدر.
استُشهد حارثة يوم بدر، وليس له عقِب (لأنه لم يكن قد يتزوج لصغر سنه).
قصة استشهاد حارثة
وقصة استشهاد حارثة، رضي الله عنه، يرويها البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ ـ وهي أُمُّ حارثة بن سُراقَة ـ أتتِ النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (يا نَبيَّ الله، ألا تُحدِّثُني عن حارثة ـ وكان قُتِلَ يوم بَدرٍ، أصابَهُ سهمٌ غَرْب (لا يعرف من أَي جهة رُمِيَ به) فإن كان في الجنة صَبَرتُ، وإنْ كان غير ذلك، اجتَهَدتُ عليه في البكاء؟ قال صلى الله عليه وسلم: يا أُمَّ حارثة إنها جِنانٌ في الجنَّة، وإنَّ ابنَكِ أصاب الفِردَوسَ الأعْلَى).
وزاد الترمذي: والفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها.
وفي رواية أخرى: (إن حارثة بن سراقة قُتِل يوم بدر، وكان في النَّظَّارَة، أصابه سهم طائش فقتله، فجاءت أمه فقالت: يا رسول الله! أخبرني عن حارثة؟ فإن كان في الجنة صبرت، وإلا فليرينّ الله ما أصنع- تعني من النياحة -، وكانت لم تُحَرّم بعد!! فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: أوَ هبلتِ؟ إنّها جنان ثمان، وإنّ ابنك أصاب الفردوس الأعلى).
طالع للمزيد: شباب حول الرسول، أسيد بن حضير "أوتي مزمارا من مزامير آل داوُد"
قال ابن حجر في الفتح: "كان ذلك قبل تحريم النوح (البكاء على الميت)، فلا دلالة فيه (أي على جواز النوح)، فإن تحريمه كان عقب غزوة أحد، وهذه القصة كانت عقب غزوة بدر.. قول أم حارثة: (فإن كان في الجنة صبرت) أي: يسليني عنه علمي بشرف مصيره".
وقال القسطلاني قوله صلى الله عليه وسلم: "(أَوَ هبلتِ) للاستفهام أبكِ جنون؟! أما لكِ عقل؟! أو فقدتِ عقلك مما أصابك من الثكل بابنك حتى جهلت صفة الجنة، (أوَ جنة واحدة هي) بفتح الهمزة للاستفهام، والواو للعطف، إنها جنان كثيرة في الجنة، (وإنه) أي ابنك حارثة في جنة الفردوس وهي أفضلها".
الشباب يتسابقون على المشاركة في الجهاد
عن عامر بن سعد عن أبيه، قال: "ردَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عمير بن أبي وقاص عن بدر، استصغره، فبكى عمير، فأجازه، فعُقدت عليه حمالة سيفه (لصغر جسمه)، ولقد شهدت بدرًا وما في وجهي شعرة واحدة أمسحها بيدي".
وأخرج ابن سعد عن الواقديّ من رواية أبي بكر بن إسماعيل بن محمد بن سعد عن أبيه، قال: "رأيت أخي عمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم بدر يتوارى، فقلت: ما لك يا أخي؟ قال: إني أخاف أن يراني رسول الله، صلى اللَّه عليه وسلّم، فيستصغرني فيردّني، وأنا أحبّ الخروج، لعل اللَّه أن يرزقني الشهادة، قال: فعُرِض على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستصغره فردّه، فبكى فأجازه، فكان سعد يقول: فكنت أعقد حمائل سيفه من صغره، فقُتِل وهو ابن ست عشرة سنة".
وفي غزوة بدر كذلك قُتِلَ أبو جهل، فرعون هذه الأمة، على يد غلامين صغيرين هما معاذ بن الجموح ومعاذ بن عفراء.
وكذلك حارثة بن سراقة، رضي الله عنه، كان صغيرًا، وكان نظَّارًا، يشاهد المعركة، ولم يشارك في القتال، ثم نزل للشرب من البئر فأصابه سهم طائش لا يُعرف من أي جهة جاء فقتله، ومع ذلك أخبر النبي، صلى الله عليه وسلم، أمه أنه في الفردوس الأعلى من الجنة.
وقد استراحت أم حارثة، رضي الله عنها، وتقبلت أمر موت ابنها الشاب الصغير بصبرٍ واحتساب، بل بسعادة، لما أخبرها النبي صلى الله عليه وسلم بأن ابنها في الفردوس الأعلى.
وصدق الله العظيم إذ يقول: "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا".
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.