موسم الهجوم على الإمام
فيما يبدو أن هناك فرقا متربصة بالإمام الأكبر وتؤل أي كلمة له في موسم ممتد للهجوم علي الرجل، ولا يزيد ذلك إلا مزيدا من الاحترام والتوقير لشخصه وللأزهر، وهم يفعلون ذلك بالتماهي مع الدعاية الاسرائيلية ضده، وهؤلاء لا يفصحون عن مقتضى دعوتهم لتحويل الأزهر إلى متحف من متاحف التاريخ..
ومؤخرًا كان الهجوم على شيخ الأزهر بسبب كلامه عن الرسل أثناء الإحتفال بالمولد النبوي غير مبرر، لانه كثيرا ما يشتبه علي السامع أو يفهم بالخطأ ويحمل القائل ما لم يقل، وحتي بعدما تبين لهم أنهم تورطوا واعتمدوا على عناوين محرفة لكلمة شيخ الأزهر، قالوا إنه كلام لا يجوز أن يلقى على أسماع العامة، وأن مكانه مجالس العلم، لأنه إن ألقي عليهم أحدث فتنة..
وكانوا هم الذين إنفضحوا وسقطوا في الفتنة، وإلا ما معنى إدخال شيخ الأزهر بدوامة الجدل العقيم من أشخاص غير مؤهلين لمثل تلك القضايا، وطوال الوقت يكررون مقولات غلاة المستشرقين، فالرجل إستند إلي قوله تعالى: "لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ" ومعناها أن المؤمنين يؤمنون ويصدقون جميع الأنبياء والرسل..
ولكن في ظل مناخ فكرى إلتبس فيه كل شئ بكل شئ والكلام في المفاضلة بين نبى ونبى وهو صحيح حيث يكون في أن أنبياء الله تعالى المفاضلة بينهم عند الله وحده وليس للعباد، شأن به، فهو بذلك رأيا صحيحا لا شيء فيه، نؤمن بيهم جميعا لإنهم جميعا جاؤا بدين واحد وهو الإسلام وأنهم جميعا مسؤلين أمام الله عن تبليغ دينه الإسلام للبشريه..
فلا فرق بينهم في المسؤلية أمام الله ولا في نوعية الرسالة المكلفين بها وهى الإسلام. أما المكانة والمنزلة فقد فضل الله بعضهم على بعض، حيث قال الله تعالى: “تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ”. وقد رأيت بعض من الهجوم عليه وإستمعت لكلمته كاملة.. ولم أجد فيما قال ما يستوجب الإختلاف أو الهجوم.. إلا من متربص لا يفقه الكلام عن جهل أو عن عمد..
ومد الحبل على استقامته يستوي لك الصف! متسقا مع الهجوم الدائم من الصهاينة بسبب موقفه الداعم للحق الفلسطيني، بالتزامن مع محاولات تلميع ما يسمى ب البيت الإبراهيمي أو الدين الإبراهيمي الجديد، وأنها مجرد تلكيكة لنهش الرجل والإساءة إليه…
والتساؤل المحير لماذا صار فضيلة الإمام الأكبر هو الوحيد المستباح؟ وهل لذلك علاقة بهدم آخر قلاع قوة مصر الناعمة فى الخارج؟ وللاسف بتنا نرى النطيحة والمتردية تخوض في الشريعة وأحكامها وما يصح ولا يصح، وإعتمدوا على عناوين محرفة لكلمة شيخ الأزهر، قالوا إنه كلام لا يجوز أن يلقى على أسماع العامة، وأن مكانه مجالس العلم، لأنه إن ألقي عليهم أحدث فتنة، ألا في الفتنة سقطوا!
والغريب أن بعض من يراجعون شيخ الأزهر في فهمه للإسلام لايقدرون على قراءة آيه في القرآن بشكل سليم، لكنهم يملكون تلك الجرأة على أكبر الرموز الدينية فى العالم الاسلامى، وأصبح معلوما أن محاولات الهجوم والتشويه للأزهر والكنيسه لأنهما باتا حائط الصد الوحيد لأفكار الشذوذ الجنسي والمثلية والإلحاد..
كما أن الأزهر منارة وحائط صد للدفاع عن الأوطان والثوابت، وفيما يبدو المطلوب خطاب شمولي لا تتعدد فيه الآراء ولا وجهات النظر، إنما خطاب خال من الصراع ونفى الآخر وإحتكار الحقيقة في مذهب، ومصادرتها عن مذهب آخر مماثل، وخط آخر موازٍ ننفتح فيه على الآخرين بهدف استكشاف عناصر إلتقاء يمكن توظيفها في تشكيل إطار ثقافي عام يتصالح فيه الجميع.
إن التيار الإصلاحي الوَسَطي في الأزهر هو المؤهل لحمل أمانة التجديد الحقيقي، الذى تتطلع إليه الأمة، وهو وحده القادر على تجديد الدين بعيدًا عن إلغائه أو تشويهه، ولكن شريطة أن يتفادى الصراع الذى يستنزف طاقته من اليمين ومن اليسار.