رئيس التحرير
عصام كامل

روشتة صندوق النكد الشعبي

يضع صندوق النقد والبنك الدوليان وصفة اقتصادية عامة ونسميها روشتة، وقد افترضا صلاحها لجميع الدول التي تعاني من مشكلات اقتصادية، بغض النظر عن ظروف كل منها.. وتقوم هذه الروشتة على إطلاق الأسعار، وذلك بالقضاء على كل أنواع السيطرة الحكومية على الأسعار، وإلغاء دعم السلع الشعبية اللازمة لمعيشة الفقراء. 

وهي روشتة لانهيار مستويات معيشة الطبقات الفقيرة والمتوسطة فمستويات أجورهم ليست عالمية بل هي من أدنى مستويات الأجور في العالم، ويصر الصندوق على تحرير سعر صرف العملات الأجنبية، وذلك بالتخفيض المستمر لسعر العملة الوطنية أمام العملات العالمية. 

وعندما تتبع الدولة سياسة التعويم، فهذا يعني انخفاض سعر صادراتها، في مقابل ارتفاع سعر وارداتها. بما يؤدي لارتفاع قيمة الواردات في مقابل انخفاض قيمة الصادرات. ومن البديهي أن كل زيادة في الأسعار هي نوع من أنواع الضريبة غير المباشرة التي تفرض علي المواطن حتى دون موافقة البرلمان! 

فكيف نتوقع أن ينخفض معدل التضخم بحسب إعلان الحكومة، بينما ترفع أسعار الطاقة طول الوقت، خاصة وأنها تمس كل جوانب حياتنا من أسعار مواصلات إلى تكاليف إنتاج زراعي وصناعي إلى تكاليف معيشة.

علما بأن أسعار الوقود زادت حوالي ثماني مرات من عام 2016 حتى اليوم، وهذه القرارات ستؤدي حتمًا إلى الإضرار بالمواطن لأنه الطرف الأكثر تضررًا، وستضغط بنحو متزايد على قدرته الشرائية التي ستتراجع، وهو ما يعني دخول البلاد في حالة ركود اقتصادي.

وقد قبل الناس لسنوات طويلة بانخفاض الأجور، لأن ذلك كان يصاحبه تجميد مستوى الأسعار عند حدود منخفضة تتناسب مع تلك الأجور المتدنية. فكان الأمران متكاملين بهذا الشكل. أما الآن فقد خرجت الدولة من التزامها بتجميد مستوى الأسعار، فأطلقتها، ولم يصاحب ذلك إعادة نظر في سياسة الأجور لزيادتها، فوقع العبء كله على موظفي الحكومة وذوي الدخول المنخفضة.


وإذا كان الصندوق يضغط بشدة على مصر في اتجاه يضر بالاقتصاد وبالمواطن، ويهدد الاستقرار السياسي، فهل يمكن أن تلتفت الحكومة إلى ذلك وتقرر الخلاص من أجندته وقروضه؟ خاصة وأنه كانت أحد أهم أهداف ما سمي بالربيع العربي إفلاس مصر من الاحتياطي وخضوعها لصندوق النقد والتضييق على الناس.. 

وكان الصندوق ممنوع من دخول البلد منذ التسعينات، ولذلك قاموا بحملة إعلامية مضللة بإن آخر عشر سنين هي أسوأ سنوات، وهي التي غاب فيها الصندوق، علما بأن مصر كانت قد وصلت  ل 7% نمو اقتصادي، وزاد دخل عدد كتير من الفئات لـ 2500 و3000 يعني 500 دولار.. 

مع الحفاظ على دعم الطاقة والغذاء والمواصلات للناس، وزيادة مصانع العاشر والعبور وأكتوبر وهو ما منع دخول صندوق النقد.. والمصيبة الآن هو الخضوع لمطلب بيع الطاقة بالأسعار العالمية أو بقيمة التكلفة وهو ما سيؤدي إلى إنفلات الأسعار.

 
لأن ارتفاع أسعار المحروقات يرفع معها الأسعار بصورة مخيفة وبالتالى يعقبه تضخم، ولمعالجة الأوضاع سنضطر لمزيد من الاقتراض أو بيع أصول الدولة وزيادة تراكم فوائد الديون، ثم يعقبه موجة أخرى لنظل فى دائرة مغلقة إلى مالا نهاية، وتزداد الأوضاع سوءا.. إذن لابد من حلول سريعة وعاجلة بعيدة عن جيب المواطنين.

 


والأكثر من هذا أنه بالرغم من كل تلك الشروط المدمرة من الصندوق، وبرغم كل الوعود عن الإصلاح المالي والهيكلي، فإن مصر تواجه استحقاقات خارجية ضخمة خلال السنوات الثلاث المقبلة، حيث يتوقع البنك المركزي سداد أكثر من 60 مليار دولار خلال الفترة من 2025 إلى 2027.

الجريدة الرسمية