رئيس التحرير
عصام كامل

الدليل القرآني على فرعونية الهكسوس

نستعرض في هذا البيان بعض من مقاربات الأدلة القرآنية على عدم مصرية فرعون الوارد ذكره في القرآن الكريم.

المقاربة في اسم فرعون

فالحق سبحانه عرف الحاكم في مصر في سورة يوسف "بالملك" في خمسة مواطن تعريفا نافيا لجهالة الملك فيه، وفي ذلك دلالة على أن حكام مصر لم يكونوا ينعتون باسم فرعون، وإلا لوصف بذات الوصف الوارد في قصص سيدنا موسى عليه السلام.. 

 

كما أن فرعون أحقر عند الله من أن يوصف بنعت فيه عظمة الحكم والملك، وقد قال الحق سبحانه فيه [وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ]  سورة القَصَص، فلعنة الفراعنة هي لعنة الانتساب إليه فلا يصح مسمى الحضارة الفرعونية بل نقول الحضارة المصرية، كما أنه من الملاحظ أن فرعون لم يأت له ذكر معرف بأداة التعريف حتى نقول إن فرعون نعت أو صفة.. 

 

فلم يقل الفرعون، كما أنه أيضا من الملاحظ أن كل مخاطب في كتاب الله بأداة النداء "يا أيها" يعقبها صفة شخصية أو نوعية، يا أيها الناس، يا أيها الذين آمنوا، يا أيها النمل، يا أيها العزي...،  ولم تأتي مخاطبة فيها تعظيم على لسان القوم لفرعون فلم يقل "يا أيها الفرعون"، لذلك فالمقاربة في أن فرعون اسم لشخص وليس صفة لحكام مصر، لذلك تم المخاطبة باسمه وليس بصفته بأداة النداء "يا" في قوله تعالى [وَقَالَ مُوسَىٰ يَٰفِرۡعَوۡنُ إِنِّي رَسُولٞ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ]  سورة الأعرَاف.

المقاربة على احتلال وعدم شرعية حكم فرعون لمصر

وذلك في قوله تعالى [وَنَادَىٰ فِرۡعَوۡنُ فِي قَوۡمِهِۦ قَالَ يَٰقَوۡمِ أَلَيۡسَ لِي مُلۡكُ مِصۡرَ وَهَٰذِهِ ٱلۡأَنۡهَٰرُ تَجۡرِي مِن تَحۡتِيٓۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ]  سورة الزُّخرُف، والمقاربة في حضرة الشهود في قوله “أَلَيۡسَ”، أنها لم تأتي إلا من الله لخلقه وجاءت في حضرة الشهود من الخلق للحق في موطنين.. 

 

حيث جاءت المخاطبة في يوم القيامة، في قوله تعالى [وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمۡۚ قَالَ أَلَيۡسَ هَٰذَا بِٱلۡحَقِّۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ قَالَ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ]  سورة الأنعَام، وفي قوله تعالى [ وَيَوۡمَ يُعۡرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَلَيۡسَ هَٰذَا بِٱلۡحَقِّۖ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ قَالَ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ]  سورة الأحقَاف.

 

وقد كان سؤال فرعون في حضور ملأه من قومه، وعدم التعقيب في البيان منهم ببلى ففي ذلك دلالة قاطعة على أن ملك مصر لم يكن لفرعون، وإلا لكان الجواب ببلى من باب الإقرار أو التقرير الواقع.

المقاربة على أن فرعون من الهكسوس الآسيويين

المقاربة الأولى: قوله تعالى [فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَا بَيِّنَٰتٖ قَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّفۡتَرٗى وَمَا سَمِعۡنَا بِهَٰذَا فِيٓ ءَابَآئِنَا ٱلۡأَوَّلِينَ]  سورة القَصَص.. وقوله تعالى [وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَقَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23)  فَقَالَ ٱلۡمَلَؤُاْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ مَا هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيۡكُمۡ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَٰٓئِكَةٗ مَّا سَمِعۡنَا بِهَٰذَا فِيٓ ءَابَآئِنَا ٱلۡأَوَّلِينَ]  سورة المؤمنُون

 

فوحدة المباني في وصف الأبوة تشير لمقاربة لوحدة الأصل والفرع في المعاني، ففرعون وقومه فرع من قومية ذات المنبت، ومعروف أن قوم نوح كانوا في العراق القديم، فلم تأتي وحدة في مبنى "ءَابَآئِنَا ٱلۡأَوَّلِينَ" إلا في هاتين الآيتين.

 

المقاربة الثانية: قوله تعالى [وَقَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِ فِرۡعَوۡنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوۡمَهُۥ لِيُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَيَذَرَكَ وَءَالِهَتَكَۚ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبۡنَآءَهُمۡ وَنَسۡتَحۡيِۦ نِسَآءَهُمۡ وَإِنَّا فَوۡقَهُمۡ قَٰهِرُونَ]  سورة الأعرَاف.. فسياق الآية الكريمة يحمل المخاطبة من القوم لهامان وليس فرعون فقد كان وزير جنده ونافذ أمره في القوم.. 

 

هذا بجانب أن لو كان المخاطب هو فرعون لما قال القوم له “وَيَذَرَكَ وَءَالِهَتَكَۚ” فلم يكن فرعون يعبد أحد بل أدعى الربوبية الأعلى فقال أنا ربكم الأعلى وإدعى التفرد بالألوهية في ذاته، والشاهد في مصرية هامان أنه في سياق الآية لم يكن يعبد فرعون وكان في صحبته للمنفعة وكان له عبادة في آلهة أخرى.. 

 

 

والمقاربة في معنى "يذرك" والمقصود هو سيدنا موسى عليه السلام أي يدع سلطان هامان الذي كان يسوس المصريين وبني إسرائيل بالقوة والبطش، كما جاء وصف إله بصيغة الجمع "آلهتك" وهو ما يتنافى مع إدعاء فرعون في نفسه، وتباين التوجه في العبادة مع مصرية هامان فيه مقاربة أن فرعون لم يتنسك بادعاء الربوبية بمفهوم الأساطير المصرية.. 

بل إدعى الربوبية والالوهية بثقافة أرضه وأراد فرضها على المصريين، فدخل معهم في صراع حضاري وديني، والمقاربة أنه إدعى في ذاته الالوهية والربوبية بمفهوم الحضارة السومارية التي كانت في العراق.

الجريدة الرسمية