رئيس التحرير
عصام كامل

سرقة الكهرباء.. مأزق بين الدين والواقع

الكهرباء مقطوعة وغالية، والغاز غالي، والماء أيضا، طب أعمل إيه؟ أسرق!.. هكذا يمكن تلخيص رد فعل البعض على الفتوى المثيرة للجدل التي أطلقها أحد أساتذة الأزهر، والتي أباح فيها سرقة الكهرباء والمياه والغاز، مستندًا إلى ظروف الغلاء الفاحش التي يعاني منها المواطنون.

لاشك أن هذه الفتوى قد أثارت ضجة واسعة، وأشعلت حوارًا ساخنًا حول رأي الدين والقانون والأخلاق، وسط غلاء فاحش لا يمكن تحمله.. ففي ظل ارتفاع الأسعار وتدهور الأوضاع المعيشية، يرى البعض أن سرقة الخدمات قد تكون الحل الوحيد للبقاء على قيد الحياة. 

وسرعان ما تحولت صفحات التواصل الاجتماعي إلى ساحة حرب، بين مؤيد ومعارض للفتوى، فمنهم من يرى أنها تحريض على العصيان وبمثابة الضوء الأخضر للجميع لسرقة كل ما هو متاح، محذرين من عواقب وخيمة قد تنتج عنها.. فإذا ما تم تطبيقه على أرض الواقع، فمن المؤكد أن البلاد ستشهد فوضى عارمة وانقطاعات متكررة في الخدمات.

ومنهم من يرى أنها انعكاس لواقع مرير يعيشه المواطن البسيط الذي يعاني من شظف العيش ولا يجد من يحنو عليه في ظل إرتفاع متتالي وكبير في أسعار السلع والخدمات، دون أن يقابلها زيادة في المرتبات بنفس قيمة التضخم.

الدكتور إمام رمضان أستاذ الفلسفة والعقيدة بجامعة الأزهر أكد أن فتواه ليست تحريضية، بل هي محاولة لتسليط الضوء على معاناة المواطنين. 

وأضاف: "أنا بس بقول الحقيقة، الغلاء بيخلي الواحد يعمل أي حاجة، وسرقة الكهرباء والمياه والغاز مش جريمة كبيرة قوي لو الواحد محتاج".

مؤكدًا أن الدين الإسلامي يدعو إلى التعاون والتكافل الاجتماعي، وأن سرقة هذه الخدمات قد يكون مبررًا في ظل الظروف القاسية التي يعيشها الكثيرون.

ملحوظة هنا أن هذه الفتوى تعكس الرأي الشخصي للدكتور إمام رمضان، ولا تعكس رأى  جامعة الأزهر التي إحالته بدورها إلى التحقيق.

السؤال الذي يطرح نفسه: هل تلك الفتوى حلال أم حرام؟
بالطبع، الدين يحرم السرقة بكل أنواعها، ولكن هل يمكن تبرير السرقة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه، فمن ناحية، الدين يحث على الكسب الحلال، وإن اللجوء إلى السرقة هو خيار خاطئ وغير مقبول، ومن ناحية أخرى، الإنسان بطبيعته يسعى للبقاء على قيد الحياة.

في النهاية، فإن هذه الفتوى تسلط الضوء على مشكلة حقيقية يعاني منها المواطن البسيط، وهي مشكلة الغلاء الفاحش، فبدلًا من البحث عن حلول لهذه المشكلة، نجد أن البعض يلجأ إلى حلول غير قانونية.

ختامًا، يجب على الحكومة أن تتخذ إجراءات عاجلة لمعالجة مشكلة الغلاء، وتوفير حياة كريمة للمواطنين، حتى لا نجد أنفسنا أمام فتاوى غريبة وعجيبة سوف يستشهد الناس بها وتكون مبررا للفوضى؟ اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.

الجريدة الرسمية