رئيس التحرير
عصام كامل

أزمة الأسمدة والفساد

تعلو وتشتد أزمة الأسمدة في كل موسم زراعى، وفي موسم الزراعات الصيفية بصفة خاصة نظرا لتضاعف احتياجات زراعات الصيف للسماد الكيماوي والعضوى بنحو ثلاثة أضعاف على الأقل، وذلك لآن أغلب زراعات الموسم الصيفى وتدية كقصب السكر والقطن وغيرهما، وتستمر لنحو 7 أو 9 أشهر، بخلاف زراعات الموسم الشتوى التى تقضى من 4 إلى 5 أشهر على الأكثر، لأنها زراعات إما ليفية كالقمح أو عرشية كأنواع الخضار والبرسيم وغيرها.


أزمة توزيع الأسمدة على الفلاحين والمزارعين أصبحت أزمة كل موسم بفعل فاعل معلوم منذ حقبة أو يزيد من الزمان، هو الحكومة ولا أحد غيرها بعد قرارها المشؤوم كما يردد المزارعين حاليا بتحويل إدارة العملية برمتها من فروع بنك التنمية الزراعية إلى تجار السوق الحرة، والذين أسمتهم وكلاء العملية، وذلك بالتعاون مع إدارة التعاونيات المعروفة في الريف بالجمعيات الزراعية دون شكوى من أصحاب الشأن ولا مرد..  

 

لتتحول العملية إلى ما يشبه "برباطية البيه البواب" الشهيرة، وتنمو معها سوق سوداء لتجارة الأسمدة العضوية تنافس تجارة الصنف من الممنوعات الشهيرة، وترتفع معها أسعار شيكارة السماد اليوريا إلى نحو 1250 جنيه بدلا من سعرها الجبرى المقدر بنحو 251 جنيه فقط.


هل يعقل بعد أن فقدت كل إداراتنا الحكومية المسئولة عن رعاية وتنمية النشاط  الزراعى في أراضى الوادى القديم على وجه الخصوص فاعليتها، بل أدوارها التاريخية فى معاونة الفلاحين وارشادهم، فلم يعد هناك لا مشرف زراعى ولا إرشاد زراعى، بعد أن أصبحت ادارتهم وجمعياتهم الزراعية خاوية من الموظفين والمشرفين، وسجلات المزارعين وبطاقاتهم وشهاداتهم تمنح من على المقاهى والنواصى.


شكاوى المزارعين الآن من عدم توزيع حصصهم الرسمية من الأسمدة العضوية وفق بيانات الحصر الزراعى في تصاعد مستمر.. لم تعد المشكلة في نقص الأسمدة المتاحة مع بداية كل موسم، إنما أصبح الحصول على نصيب زراعاتهم من السماد المقنن أصلا لا تتم إلا عبر المحسوبيات والواسطة من أصحاب المكانة وبينهم للأسف نواب الشعب مما ساهم في رواج السوق السوداء. 

 

أصبح الحال الآن: إدفع للتسهيل وإلا لن تصلك الشحنات وأبحث عنها في الجمعيات كعب دائر. في بلاد العالم الآخر، ليسوا نحن بالطبع، يقولون إن علم الإدارة نشأ منذ قديم الزمان للتنظيم والتيسير وتوفير الوقت والجهد، أما لدى ادارتنا الحكومية فمفهوم علم الإدارة الراسخ في أذهان مسئوليها هو صنع الرباطية والإدارة بالفهلوة، وفتح المجال للواسطة والمحسوبية وكله بثمنه.. 

 

المهم أن المسئول أصدر المرسوم واللائحة وضوابط التنظيم على الملأ، وفى الخفاء سرب مذكرة توضيحية لعملائه بخبراته فى الفهلوة وإرضاء العملاء بنظام فتح عينك تآكل ملبن.. 

 

 

هذا هو حال أعمامنا في عموم قرى ونجوع  الريف المصرى العتيق، تأسيا مع حالهم البائس في رحلة البحث كل موسم عن السماد اللازم لإنقاذ زراعاتهم من أنياب رباطية السماد في كل موسم.. الأمر في النهاية متروك لوزير الزراعة والدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء لانقاذنا من مافيا الأسمدة يرحمكم الله.

الجريدة الرسمية