شباب حول الرسول، جعفر بن أبي طالب الشهيد الطيار
مثلما أحاط بـ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نخبة من المسلمين الأوائل، كان هناك فتية آمنوا بربهم، وجهروا بالإسلام وهم حديثو السن، بعضهم لم يناهز الصبا، رغم ما كان يكتنف البيئة المحيطة من أصنام، وأوثان، وأدران، تخبَّط فيها آباؤهم وأمهاتهم.
تربوا على مراقبة تصرفات النبي، وأنصتوا لنصائحه، وحفظوا أقواله، وفقهوا أحاديثه.
كانوا أصحاب فكر سديد، فأعلنوا اتباعهم للنبي، ولم يرضخوا لضغوطات الأهل، والقبيلة، وتمسكوا بدينهم، وبذل بعضهم روحه من أجل العقيدة، وبعضهم فاق الكبار علما وفقها وشجاعة.
إنهم "شباب حول الرسول".
في حلقة اليوم، نتناول قصة حياة وجهاد صحابي جليل، أسلم وهو صغير، واستشهد شابا، هو جعفر بن أبي طالب، الذي أحبه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وجزن حين استشهاده، وأخبر بأن الله أبدله بجناحين، عوضا عن يديه اللتين فقدهما في غزوة مؤتة، يطير بهما حيث يشاء في الجنة.
هو جعفر بن أبي طالب الهاشمي القرشي المعروف بجعفر الطيار، أمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، كنيته أبو عبد الله، وكناه رسول الله، صلى الله عليه وسلم،أبا المساكين؛ لأنَّه كان يعطف على المساكين ويتفقدهم ويجلس معهم، ولد بمكة قبل البعثة.
كان من السابقين إلى الإسلام، فقد أسلم بعد إسلام أخيه عليّ بن أبي طالب بقليل، ثاني من صلَّى مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من الرجال في أوّل جماعة عُقدت في الإسلام، هاجر في السنة الخامسة من البعثة مع الدفعة الثانية التي هاجرت إلى الحبشة، وكان جعفر على رأس المهاجرين، وصحب معه زوجته أسماء بنت عميس.
لمنـزلته العظيمة ودوره الكبير في نشر الإسلام وتبليغه، ضرب له رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم بدر سهمًا من الغنيمة حاله حال المقاتلة، ولـم يكن جعفر حاضرًا فيها.
فرح الرسول بجعفر
قدم على الرسول، صلى الله عليه وسلم، في السنة السابعة من الهجرة، حيث كان فتح خيبر، فاعتنقه الرسول، صلى الله عليه وسلم، وقال: “ما أدري بأيّهما أنا أشدّ حرصًا، بقدوم جعفر أم بفتح خيبر”.
لُقب جعفر بذي الهجرتين؛ لأنه هاجر من مكة إلى الحبشة، ومنها إلى المدينة، حيث أنزله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى جنب المسجد، واختار له منزلًا هناك.
أمّره رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على جيش المسلمين في غزوة مؤتة، فإن قُتل فزيد بن حارثة، فإن قتل فعبد الله بن رواحة.
قُطعت يده اليمنى فقاتل باليسرى حتّى قطعت، فضرب وسطه فسقط شهيدًا مضرجًا بدمه سنة 8هـ في مؤتة، وهي قرية من قرى البلقاء في حدود الشام، ودفن بها، وله مزار معروف هناك.
حزن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لوفاته حزنًا شديدًا، وبكى عليه، وقال: “على مثل جعفر فلتبكِ البواكي”.
وقال، صلى الله عليه وسلم، واصفًا خصال جعفر: “إنَّ خُلُقك خُلُقي، وأشبه خَلْقك خَلْقي، فأنت مني ومن شجرتي”.
الشهيد الطيار
وقال، صلى الله عليه وسلم، لمّا قُتل جعفر: “إنَّ الله أبدله بيديه جناحين يطير بهما في الجنّة حيث شاء”.
كان جعفر بن أبي طالب يحظى بمنزلة رفيعة لدى رسول الله صلى الله عليه وآله، وسلم، ويعتمد عليه في المهمات، ولجدارته فقد جعله النبي صلى الله عليه وآله قائدا للمسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة.
دفاعه عن الإسلام في الحبشة
دافع عن الإسلام، حين قدم عمرو بن العاص مُحَمّلًا بالهدايا إلى النجاشي، وكانت غايته أن يَهَبَه النجاشي جعفر وأصحابه، ليعود بهم إلى مكة، ليُسَلِّمهم لكفار قريش ليُنَكِّلوا بهم، فجرى الحوار الذي ينم عن رسوخ عقيدة الإسلام في قلب جعفر، فكان خير من يشرح الإسلام بكل وضوحٍ مع وجود الحجة الدامغة، فكانت نتيجة حوار جعفر وعمرو بن العاص رفض النجاشي طلب عمرو بإرسال المهاجرين معه، بل وكان سببًا في انشراح صدر النجاشي للإسلام.
وعندما رجع من الحبشة علَّمَهُ صلاةً مشتملة على تسبيحات خاصة تكريمًا له، وعُرفت هذه الصلاة فيما بعد بصلاة جعفر الطيار وصلاة التسبيح.
و في الاستيعاب: وَكَانَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَشْبَهَ النَّاسِ خَلْقًا وَخُلُقًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله، وَكَانَ جَعْفَرٌ أَكْبَرَ مِنْ عَلِيٍّ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَكَانَ عَقِيلٌ أَكْبَرَ مِنْ جَعْفَرٍ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَكَانَ طَالِبٌ أَكْبَرَ مِنْ عَقِيلٍ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَكَانَ جَعْفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَقَدِمَ مِنْهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله حِينَ فَتْحِ خَيْبَرَ، فَتَلَقَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وَاعْتَنَقَهُ وَ قَالَ: "مَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا أَنَا أَشَدُّ فَرَحًا، بِقُدُومِ جَعْفَرٍ أَمْ بِفَتْحِ خَيْبَرَ"؟
وَكَانَ قُدُومُهُ وَأَصْحَابُهُ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَاخْتَطَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ غَزَا غَزْوَةَ مُؤْتَةَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَ قَاتَلَ فِيهَا حَتَّى قُطِعَتْ يَدَاهُ جَمِيعًا، ثُمَّ قُتِلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله: "إِنَّ اللَّهَ أَبْدَلَهُ بِيَدَيْهِ جَنَاحَيْنِ يَطِيرُ بِهِمَا فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَ" فَمِنْ هُنَالِكَ قِيلَ لَهُ جَعْفَرٌ ذُو الْجَنَاحَيْنِ.
صاحب الهجرتين
ويُعرف جعفر بن أبي طالب بصاحب الهجرتين أي هجرة الحبشة وهجرة المدينة، وهو من الشهداء الأولين فقد استشهد في واقعة مؤته في السنة الثامنة للهجرة وله إحدى وأربعون سنة، ولما استشهد وجدوا في جسده تسعون ضربة ما بين طعنة برمح وضربة بسيف كلها في مقدم بدنه مما يدل على بسالته وشجاعته وكونه كرارًا غير فرار.
دفن بأرض مؤتة، ومزاره اليوم من المزارات المعروفة التي يتوافد إليها المؤمنون لزيارته بمدينة المزار بالكرك في الأردن.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والفنية والأدبية.