الراقصة والطّبال
للكاتب الراحل إحسان عبد القدوس روايتان الراقصة جزء فاعل في الأحداث والعنوان إحداهما رواية الراقصة والطبال، التي تحولت إلى فيلم يحمل نفس الاسم سيناريو الكاتب مصطفى محرم وحوار الكاتب بهجت قمر إخراج المخرج أشرف فهمي والذي كان عرضه الأول عام 1984.
قبل أن يعرض هذا الفيلم على النجم أحمد زكي عُرض أولا على أحد النجوم الكبار، وكما تحكي كواليس أهل الفن أن العلاقة بينهما لم تكن على ما يرام فرفضه لأنه اعتبر أن بطل الفيلم الحقيقي هو دور ناصح، الذي أداه النجم عادل أدهم ببراعة وكوميديا تحسب في مشواره الفني كعلامة مضيئة ومَنْ منا ينسى {الضنى غالي يامه}.. وكذلك النجمة نبيلة عبيد التي استطاعت الاختلاف كليا بين الراقصة والطبال والراقصة والسياسي الرواية الأخرى لإحسان عبد القدوس.
أما النجم أحمد زكي فقد حكى أنه لم يكن راضيا بشكل كامل عن هذا الفيلم للدرجة التي اعتبره أسوأ أفلامه بحسب ما قاله في حوار تليفزيوني، وعندما انتقد الكاتب والناقد سامي السلاموني أداءه سلبًا حادثه زكي تليفونيا وشكره على نقده، وأعرب له عن ثقته في أي كلمة نقد إيجابي سابق أو لاحق له كممثل لأنه أعتبره ناقدًا صادقًا لا يجامل.
ومن وجهة نظري، كانت البطولة الحقيقية في هذا الفيلم للأدوار الثانية فقد أبدعت نبيله السيد في دور قمر ومحمد رضا أو المعلم هريدي أبو الهدد وجملته الشهيرة من هد وجد..
طرحت الرواية وكذلك الفيلم طبيعة العلاقة بين الراقصة والطبال أيهما أهم من الآخر، وهي العلاقة الأزلية بين صانع المحتوى واكتشافه الذي يقدمه للجمهور للمرة الأولى.. مَنْ خلف الكواليس ومَنْ أمامها وهي علاقة دائمة التشابك بل والاشتباك أيضًا في مجالات الفن والحياة والأمثلة كثيرة على ذلك..
كالعلاقة بين المطرب والملحن الذي اكتشفه وأعطته ألحانه شهرة وصيت، أيهما يسير أمام الآخر
كاتب الرواية ومخرجها أم نجمها.. مَنْ يستحق الشهرة وهتاف الجماهير لاعب الكرة أم المدرب واضع خطط اللعب.. ربما تظهر هذه الأزمة على السطح لأن من وجهة نظر المبدع المكتشف أنه هو مَنْ أوجد النجم من العدم وأتى به إلى مقدمة الصفوف..
ومن وجهة نظري أن رواية الراقصة والطبال كانت أكثر عمقًا من الفيلم الذي أخذنا في زاوية مباشرة وهي محاولة الإجابة عن السؤال مَنْ المالك الفعلي للمشروع الفني وأيهما يستحق التصفيق والهتاف والإشادة مَنْ يقف في مواجهة الجمهور أم من يتوارى في الخلفية رغم أهميته؟
أما الرواية فكانت معانيها أكثر عمقًا وأهمها في رأيي أن الطبال لا يستطيع العيش بدون راقصة، أما هي فتستطيع صناعة ألف طبال، وهو المعنى الذي ربما تداركه الفيلم في مشهد النهاية.. جُنَ عبده الطبال وأصبح من مجاذيب الشوارع بينما تصعد الراقصة مباهج سلم النجومية بمعاونة المعلم هريدي أبو الهدد.