رئيس التحرير
عصام كامل

عاش الطب وأهل الطب.. ولكن بالأغاني

ثاني أيام عيد الأضحى الماضي استيقظت على صوت أمي أطال الله بقائها ومتعها بالصحة والعافية وهي تصرخ من ألم أزمة قلبية وضيق في التنفس، مشهد كلما تذكرته أشعر بأن قلبي أوشك على التوقف، أسرعت بها الى المستشفى ودخلنا بمعاونة أفراد الإستقبال إلى قسم الطوارئ وجدت طبيبًا شديد الاحترام والتعاون وأسرع إلى والدتي واتخذ اللازم وتحسنت نسبيًا وقال إنها تحتاج إلى دخول العناية المركزة وطلب الدكتورة المسؤولة عن ذلك.

 
طال انتظارنا حتى تأتي طبيبة العناية ووصل الأمر إلى أن طبيب الطوارئ المحترم صعد إلى العناية المركزة، وبعد مدة ليست بالقليلة جاءت بحركة بطيئة ولا تبالي بنحيبي وفزعي على والدتي، ولم تفعل شيئا سوى أنها وضعت السماعة على قلب أمي المتعب لدقيقة وبمنتهى الهدوء قالت تدخل العناية، وهنا مفيش مكان.. ونسيت أن أخبركم بأنها مستشفى خاص.


في هذا المشهد نرى طبيبان أحدهما شديد التعاون والتقدير لفزع أهل المريض عليه، والأخرى لم تُعِرنا الإهتمام المطلوب.. وهذان النموذجان موجودان في أي مكان، ورغم فزعي على والدتي لم يكن من حقي ولا غيري التجاوز في حق تلك الطبيبة لأسباب كثيرة أهمها التربية وأيضًا بحكم معايشتي لمعاناة الأطباء بحكم أن أخى رحمة الله عليه الطبيب الطيب كان واحدا منهم، وتَعِب أبواي حتى يكون كذلك.

 
تذكرت ذلك وأنا أتابع ما حدث بين طبيب مستشفى عين شمس التخصصى وبين المطرب الشهير.. كل طرف يحكي القصة من وجهة نظره والتفاصيل الحقيقية لا نعرفها.. كل ما نعرفه هو ما جاء في الفيديو المنتشر للمطرب الشهير الذي لي عليه الكثير من الملاحظات..


قد لا يفهم الكثيرون أن المرض والموت وفزع الأهل على ذويهم مشهد اعتاده الأطباء، يتعرضون له صباح ومساء، وربما وبحكم هذا الإعتياد والرغبة في الهدوء من أجل التشخيص السليم يبدو بعضهم وكأنه لا يبالى، ولكن هذا لا يبرر أبدًا أى تقصيرا من جانب الأطباء أو تجاوزًا من أهل المرض كما فعل هذا المطرب الشهير، شفى الله أخاه وتجاوز لفظيًا في حق الطبيب.

 
آفة تقترب من جد الجهل أن كل مشهور يدخل مستشفى أو غيره من أماكن تقديم الخدمات ويظن أنه على العاملين في المكان معاملته معاملة خاصة، وكأنه بشر درجة أولى ممتاز وما دونهم مواطنون من الدرجة الثانية، وهالني بل أحزنني ما قاله المطرب {ده مش عارف مين أنا مين فلان الفلاني}.

 

 حضرتك مواطن مصري ضمن الملايين من سكانه أعطاك الله إختبار الشهرة الصعب، والذي أعتقد أنك لم تعطيه حقه كما يجب.. فإذا كنت حضرتك مطربًا مشهورا فهو أيضا طبيب بذل أهله كل ما في طاقتهم حتى يصل إلى تلك المكانة لا الإهانة.


في ذلك الفيديو المتداول وجدت صوتك عزيزي المشهور وقد علا في مؤسسة قائمة بالأساس على الهدوء من أجل راحة المرضى ومن بينهم اخوك شفاه الله.. ومن أعطى حضرتك حق التصوير في مؤسسة عامة دون إذن ونشر الفيديو المعبر عن وجهة نظر أحادية على الفضائيات ومواقع التواصل..

وليس من حق أحد على الإطلاق التجاوز بالقول أو الفعل على أي مواطن مهما تواضع شأنه أو علا.. وكل مالك حق فيه هو اللجوء الى القضاء والنقابة المختصة.
 

 

إن ما حدث في مستشفى عين شمس التخصصي مشهد عبثي يضاف إلى الكثير من المشاهد العبثية التى نعيشها.. لاعلاقة لها بالعقل وقواعد المنطق وقيم الأخلاق..

مواد متعلقة

الجريدة الرسمية