رئيس التحرير
عصام كامل

من أخلاق الرسول (1)

سُئلت السيدة عائشة، رضي الله عنها، عن أخلاق الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: كان خلقه القرآن، يغضب لغضبه، ويرضى لرضاه. ولا ينتقم لنفسه ولا يغضب لها، إلا أن تنتهك حرمات الله، فيغضب لله. وإذا غضب، صلى الله عليه وآله، وسلم، لم يقم لغضبه أحد.


وكان أشجع الناس وأسخاهم وأجودهم، ما سئل شيئا فقال: لا.. ولا يبيت في بيته دينارا ولا درهما، فإن غضل ولم يجد من يأخذه وجاءه الليل.. لم يرجع إلى منزله حتى يبرأ منه غلى من يحتاج إليه.
لا يأخذ مما آتاه الله شيئا إلا قوت أهله عاما فقط من أيسر ما يجد من التمر والشعير، ثم يؤثر من قوت أهله حتى ربما احتاج قبل انقضاء العام.

أصدق الناس لهجة وأوفاهم ذمة وأكرمهم عشرة


وكان صلى الله عليه وآله وسلم، أصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة.
وأحلم الناس وأشدهم حياء، بل أشد حياء من العذراء في خدرها. خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة.

 

وكان، صلى الله عليه وآله وسلم، أكثر الناس تواضعا، يجيب من دعاه من غني أو فقير، أو حر أوعبد، وكان أرحم الناس، يصغي الإناء للهرة، وما يرفعه حتى تروى؛ رحمة لها.


وكان صلى الله عليه وآله وسلم، أعف الناس، وأشدهم إكراما لأصحابه، لا يمد رجليه بينهم، ويوسع عليهم إذا ضاق المكان، ولم تكن ركبتاه تتقدم ركبة جليسه، من رآه بجيهة هابه، ومن خالطه أحبه.
له رفقاء يحفون به، إن فال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره.

يبدأ من لقيه بالسلام ويتجمل لأصحابه


يبدأ من لقيه بالسلام، ويتجمل لأصحابه، ويتفقدهم، ويسأل عنهم، فمن مرض عاده، ومن غاب دعا له، ومن مات استرجع فيه وأتبعه الدعاء له، ومن كان يتخوف أن يكون وجد في نفسه شيئا انطلق إليه حنى يأتيه في منزله، ويخرج إلى بساتين أصحابه، ويأكل ضيافاتهم، ويتألف أهل الشرف، ويكرم أهل الفضل، ولا يطوي بشره عن أحد، ولا يجفو عليه، ويقبل معذرة المعتذر إليه، والقوي والضعيف عنده في الحق سواء.


ولا يدعُ أحدا يمشي خلفه، ويقول: "خلوا ظهري للملائكة".. ولا يدع أحدا يمشي معه وهو راكب حتى يحمله، فإن أبى، قال: "تقدمني إلى المكان الذي تريد".. يخدم صلى الله عليه وآله وسلم، من خدمه، وله عبيد وإماء لا يترفع عنهم، في مأكل ولا مشرب ولا ملبس.


قال أنس، رضي الله عنه: خدمته صلى الله عليه وسلم، عشر سنين، فوالله ما صحبته في حضر ولا سفر لأخدمه، إلا كانت خدمته لي أكثلا من خدمتي له، وما قال لي: "أف" قط، ولا قال لشيء فعلته: "لم فعلت كذا؟".. ولا لشيء لم أفعله: "ألا فعلت كذا".

أكره أن أتميز عليكم

 

وكان، صلى الله عليه وآله وسلم، في سفر، فأمر بإصلاح شاة، فقال رجل: يارسول الله؛ عليَّ ذبحها، وقال آخر: عليَّ سلخها، وقال آخر: عليَّ طبخها، فقال صلى الله عليه وسلم: "وعليَّ جمع الحطب".. فقالوا: يا رسول الله؛ نحن نكفيك، فقال: "قد علمتُ أنكم تكفونني، ولكن أكره أن أتميز عليكم، فإن الله تبارك وتعالى يكره من عبده أن يراه متميزا بين أصحابه"، وقال صلى الله عليه وآله وسلم، فجمع الحطب.


وكان صلى الله عليه وآله وسلم في سفر، فنزل إلى الصلاة، ثم كر راجعا، فقيل: يا رسول الله؛ نحن نعقلها عنك، فقال: "لا يستعن أحدٌ منكم بالناس ولو في قضمة من سواك".

 

 

ما أعظم خلقه، صلى الله عليه وآله وسلم.. وصدق الله العظيم حين أثنى على خلقه، في قوله، عز من قائل: "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ".


حريٌّ بنا أن نتدارس أخلاق أعظم خلق الله، وأن نعلمها، ونشرحها لأبنائنا، وأن يقتدي بها الحكام، والحكماء، وأن نتخذها نبراسا لنا في حياتنا؛ حتى ننجح، ونتجاوز مصاعب الحياة، ولكي يعم السلام، والحب، والتسامح بين البشر.

الجريدة الرسمية