رئيس التحرير
عصام كامل

آفات الطريق إلى الله (5).. عقوق الوالدين

نهى الله تعالى عن عقوق الوالدين، وجعل عواقبه شديدةً ووخيمةً؛ ففيه عقوبة في الدُّنيا قبل الآخرة؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، قال: «بابانِ مُعجَّلانِ عُقوبتُهما في الدنيا: البَغْيُ، والعقُوقُ» رواه الحاكم في "المستدرك".


وحذر فضيلة الشيخ العارف بالله محمود أحمد سليم، رضوان الله عليه، بشدة من عقوق الوالدين، أو أحدهما، مؤكدا أن من يعق أباه أو أمه، لن يرى خيرا في الدنيا ولا الآخرة، وقال بالحرف: "أُبشِّر العاق بالفقر.. حتى أنه ربما لا يجد الخبز ليأكله".. أعاذنا الله من تلك الرزيلة.

وفي موقف لا يُنسى، كان هناك مريد مجتهد، وملتزم بالأوراد ومجالس الذكر، وتقوى الله، إلا أنه كان يسيء معاملة أبيه، فما كان من المربي الفاضل، الشيخ أحمد أبو سليم، إلا أن عنفه بشدة، وكاد أن يطرده من مجلسه، وحذره من مغبة إساءة معاملة الأبوين.

عقوق الوالدين يحول دون دخول الجنَّة

عقوق الوالدين يحول دون دخول الجنَّة؛ روى النسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال: «ثلاثةٌ لا ينظرُ اللهُ عزَّ وجلَّ إليهم يومَ القيامةِ: العاقُّ لوالِدَيهِ، والمرأةُ المترجِّلةُ، والدَّيُّوثُ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى».


وأوضح العلماء أن العقوق: هو كلُّ ما يؤذي الوالدين أو أحدهما غير معصية الله تعالى؛ قال العلامة ابن حجر الهيتمي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر": [والوجه الذي دلَّ عليه كلامهم أن ذلك كبيرة كما يعلم من ضابط العقوق الذي هو كبيرة، وهو أن يحصل منه لهما أو لأحدهما إيذاء ليس بالهين؛ أي عرفًا] اهـ.

معنى عقوق الوالدين

وقال الإمام ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري شرح صحيح البخاري": [والعقوق -بضم العين المهملة- مشتقٌّ من العق؛ وهو القطع، والمراد به صدور ما يتأذَّى به الوالد من ولده من قولٍ أو فعلٍ إلا في شرك أو معصية ما لم يتعنت الوالد، وضبطه ابن عطية بوجوب طاعتهما في المباحات فعلًا وتركًا، واستحبابها في المندوبات، وفروض الكفاية كذلك] اهـ.

 

 

وقال العلامة المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير": [والعقوق: ما يتأذى به من قول أو فعل غير محرم ما لم يتعنت الأصل] اهـ. ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال.

قيل للإمام الشافعي: “أيتخاصم الرجل مع أبويه؟ قال: ولا مع نعليهما.. إثباتُ الحُجَّة على والديك عقوقٌ حتى وإن كنتَ على حق”.. فعلى كل سائر في سبيل الله تعالى، أن يتقي الله، ويحسن معاملة والديه، فهما طريقه إلى الجنة، ورضا الله.

الجريدة الرسمية