لا سلام ولا كلام !
أربعة أعوام تفصلنا عن حلول الذكرى السنوية المائة لنشأة جماعة الإخوان المسلمين، في مدينة الإسماعيلية علي يد حسن البنا في العام 1928 من القرن الماضي.. ست وتسعون عاما، والحال هو، نحن والجماعة، كل منا يكرر ذات النهج والسلوك في كل دورة زمنية، أو بالاحري في كل دورة من دورات صراع الجماعة مع الأنظمة المتعاقبة خلال هذه السنوات الطوال.
الجماعة في أعقاب كل أزمة كبري، وخاصة الأزمات التي يتخللها صدامات حادة وغالبيتها كانت دموية، اعتادت إدعاء المظلومية والبراءة والجنوح إلي الاستسلام وإعلان التوبة والتراجع عن استهداف السلطة عبر المجال الدعوي، وفي كل مرة تعلن الجماعة للعامة أنها لن تمارس السياسة ولن تعود للصدام مرة أخري.
حدث ذلك في عهد الملكية في مصر، وحدث أيضًا في زمن ثورة يوليو 1952، وحدث في العصور التالية حتي الصدام الأخير الذي شهدته مصر عام2013، وبعد أن إعتلي الإخوان سدة حكم مصر، ولم يتحملهم المصريون سوي عام واحد فقط.
يشار إلي أن سجلات جماعة الإخوان المسلمين خلال العقود العشرة الماضية، وخلال كافة الصدامات التي وقعت بينها وبين أنظمة الحكم المتتابعة، وقائع دموية موثقة أدين بها رموز وقادة وأعضاء عاملين بالجماعة، لا يتسع المجال هنا لذكرها..
وأنوه إلي أن شاغلي اليوم هو التنبيه فقط إلي نمط اعتادته الجماعة في أعقاب كل أزمة من الأزمات، وإلي نمط اعتادته المجتمعات كرد فعل لما تدعيه وتزعمه الجماعة، ففي كل مرة تخرج هي الفائزة ولا تلبث أن تنتهي جولة الصراع لتبدأ جولة جديدة بذات الملامح والأدوات وبذات الوسائل والأهداف، التمسح بالدين سعيا للوصول إلي السلطة باستخدام العنف وسفك الدماء.
فقد فوجئنا مؤخرًا، بما يقول عنه أو يعرفه رموز أو منتسبو الجماعة بدعوة للصلح، تعلنها الجماعة متضمنة تعهدات كثيرة وشروط وما إلي ذلك، أتجاوز عن سردها بتفاصيلها تلافيا لآن أكون مروجا لرسائل اعتادت الجماعة أن تخاطب بها قواعدها وخلاياها النائمة، إستنادا إلي أن الإعلام وخاصة المساند للدولة المصرية ونظام الحكم فيها، سينتفض مهاجما الجماعة وأطروحاتها وكل ما تتضمنه ما يقولون أنه مبادرة صلح!
يا جماعة الخير.. حذار من الوقوع في حبائل جماعة الشر.. حذار من مجاراة منسوبيها فيما يطرحون من أوهام يسمونها مبادرة للصلح، إعلموا أن الهجوم الشديد علي الجماعة هو هدفها وهدف قادتها لاستثارة تعاطف قطاعات كبيرة من محدودي الثقافة الدينية الذين ليست لديهم الدراية الكاملة بالأحداث السابقة، والمهيئين لابتلاع التمسح بالدين الذي تتخذه الجماعة سبيلا لجمع المزيد والمزيد، من المتعاطفين والمساندين، وغالبيتهم ممن يميلون الي التشكك في المؤسسات الرسمية التابعة للدولة ووسائل إعلامها!
الحقيقة أن كثير من دوائر الإعلام، لا تدرك أن جماعة الاخوان وعلي مر تاريخها، تحرص علي ان تظل مادة حديث مستمر ودائم أمام وسائل الإعلام الرسمية حتي لو بالهجوم، ثقة في أن هذا الهجوم يصب في صالح الجماعة ويعطيها قبلة الحياة التي كادت ان تفقدها بعد احداث ثورة الثلاثين من يونيو عام 2013.
فيا جماعة الخير في الإعلام، التجاهل أو عدم التوسع في تناول ما تدعيه أو تزعمه الجماعة من مبادرات أمر هام للغاية، لا تكونوا أدوات للترويج في أيدي هذه الجماعة، التي تلتزم علي مر تاريخها بلافتة الجماعة وضرورة استمرارها، وهذا ما يبرر إستمرار أسم الجماعة تنفيذا للسنة التي استنها البنا في ضرورة الحرص علي اللافتة أو علي إسم الجماعة كما ابتكره قبل ما يفرض من مئة عام!
يا جماعة الخير.. عليكم أن تدركوا آن الجماعة تتبع ذات النهج الذي وضعه البنا منذ البداية، ولا يتغير مهما حدث، فمشروع الجماعة كما وضعه البنا، يعتمد علي ثلاثة مراحل، كل مرحلة مدتها أربع سنوات..
أولها، مرحلة الدعوة، بحيث ينصرف رموز الجماعة خلال هذه المرحلة الي الدعوة فقط، تليها مرحلة الانتشار، أي أن السنوات الأربع التالية لمرحلة الدعوي هي ضمانة وجود خلايا تابعة للجماعة في كافة ارجاء البلاد، بعدها تبدأ مرحلة التمكين وهي تمتد لأربع سنوات، تستهدف قادة الجماعة خلالها وبما حققته من إنتشار الي تحقيق السيادة علي المجتمع من القمة للقاع، بالدعاء بتطبيق شرع الله!
وكما حدد البنا فإن أي أزمة تحدث خلال أي مرحلة من هذه المراحل الثلاث، يبدأ السعي من جديد وهو ما فعلته الجماعة مرات عديدة في السابق، وتسعي لتنفيذ الآن بتلك الدعاوي والمبادرات الزائفة! فحذار من التعاطف مع اللهجة التي يغلفون بها ما يقولون!
بشكل واضح إحذر من طلب أوعرض جماعة الإخوان المحظورة الصلح مع المجتمع المصري والتوقف تماما عن ممارسة العمل السياسي لفترة تترواح ما بين عشرة الي خمس عشرة عاما، علي أن يتم، بحسب ما يقولون، الإفراج عن المعتقلين من قيادات وأفراد الجماعة.
إلا هل بلغت اللهم فاشهد.