رئيس التحرير
عصام كامل

التقهقر الثقافى.. إلى متى؟!

حين نحتفى بالأحذية ونضعها في أفخم الفاترينات بينما نجد الكتب على الأرصفة تحت الأقدام ندرك كيف نهمل الثقافة ونهتم بالنعال.. وحين يتقدم المنافقون والراقصات وبتوع المهرجانات والافاقون الصفوف ويتأخر أصحاب الرأي والفكر وأهل المشورة فلا عجب أن نتذيل القائمة في تصنيفات كثيرة للتعليم والثقافة والإبداع والنشر العلمي.. 

 

هذا ما قاله طه حسين منذ عقود، جرت في النهر مياه كثيرة وساءت أحوال كثيرة لا تخفي على كل لبيب.. الأمر الذي جعل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الازهر الشريف، يدعو لضرورة التَّصدي للأنماط الفنيَّة والثقافية الغريبة التي اجتاحت مجتمعاتنا، واستهدفت إقصاء الثقافة وتهميش دورها في بناء الإنسان وتشكيل وعيه.. 

وجعلت الشباب العربي معزولًا عن كل ما يغرس فيه الاعتزاز بهويته الدِّينية والأخلاقية، حتى أصبح عرضة للاستقطاب، في ظل تفشي أمراض الجهل وقلة المعرفة وغياب التَّعليم الجيد والمحتوى الإعلامي الهادف.


أمرٌ طبيعي أن يدعو الإمام الأكبر إلى ضرورة وضع إستراتيجية وطنية لمواجهة التقهقر الثقافي والتراجع الحضاري الذي تعانيه مجتمعاتنا وأثَّر بالسلب على النشء والشباب، والخروج بمنتجات ثقافية وفنية وإعلامية تتناول وضع حلول للأزمات المجتمعية المعاصرة وتطرح رؤى قابلة للتطبيق.


فهل يجد شيخ الأزهر آذانًا صاغية لدعوته التي لا خلاف أنها تعكس واقعًا مترديًا تراجعت فيه القوى الناعمة لمصر بدرجة ملحوظة، حتى وجدنا برامج التفاهة والسفاهة والسطحية والمقالب تتقدم وتتراجع البرامج الهادفة لبناء وعي حقيقي، حتى المسلسلات التاريخية التي تستنهض الهمم بأعمال القادة التاريخيين العظام أمثال صلاح الدين الأيوبي وقطز وبيبرس تراجعت ولم يعد لها مكان على الشاشة.


التعليم والإعلام والفن الهادف ومنابر الدعوة المختلفة ركائز أساسية للتنوير وبناء الشخصية الوطنية الواعية والسوية.. أين ذهب مشروع مكتبة الأسرة الذي ساعد في تكريس القراءة في كل بيت مصري.. وأسهم في تكوين الوعي المعرفي والفكري لأجيال عديدة في مطلع الألفية الجديدة؟!

 

متى تتكاتف المؤسسات المعنية ببناء الإنسان لاستعادة الروح الثقافية واستحداث وسائل مختلفة للتوعية والتثقيف، مثل الكتاب الإلكتروني لمواجهة مشكلات غلاء الورق والطباعة، بحسبان الثقافة هي الجدار الأول للحماية من التطرف والتخلف والانحطاط الخلقي والمعرفي؟!

 


لا ينكر أحد أن الحس الجمالي والإبداعي لدى الشباب والجمهور تراجع كثيرًا وإلا ما تصدر مطربو المهرجانات ساحة الغناء وما تفشت أفلام ومسلسلات العنف والإدمان والابتذال على شاشاتنا المختلفة بدعوى أنها ترصد الواقع.. فهل نحن مستعدون لإصلاح الأخلاق والثقافة والفن والإعلام لنستعيد روح الزمن الجميل؟!

الجريدة الرسمية