رئيس التحرير
عصام كامل

وزير الثانوية العامة

أي باحث مبتدئ يستطيع رصد عقدة الثانوية العامة، وإثبات إنها إحدى القضايا التاريخية المعلقة التي تعكس الفشل في ايجاد نظام علمي وتعليمي، حتى أصبحت تلك القضية هي أولى اهتمامات أي وزير للتعليم، فلكل وزير تعليم في مصر حكاية مع الثانوية العامة، حيث كان لكل وزير سياسة تعليمية تنسف ما وضعها سلفه، وباتت المناهج والطلاب حقل تجارب، لدرجة أن بعضهم وضع سياسة وعند التطبيق خرج من الوزارة، رغم تنوع الوزراء.. 

 

وكان الدكتور مصطفى كمال حلمى مؤدبًا لدرجة تشعر محدثه بأنه لم يتلق أى قدر من الأدب، وكان الدكتور فتحى سرور مثقفًا ولديه تجربة فرنسية واسعة، وكان الأستاذ منصور حسين إبن العملية التعليمية وعارفًا بدهاليزها، وكان الدكتور حسين كامل بهاء الدين سياسيًا تربويًا، لا يتحرج من رفع سماعة التليفون عشرات المرات يوميًا ومناقشة أصغر محرر والرد عليه بحجة ومنطق، وهو الذى صاغ نظرية التعليم أمن قومي.. 

 

وتلك بعض الأمثلة لوزراء مصريين محترمين لم يتأففوا من النقد أوً لديهم موقف متعال من استفسارات أولياء الأمور.. ويمكن للتدليل علي الحيرة المصرية الثانوية العامة البدء من عام 1981 حيث أصبح التخصص منذ السنة الأولى للدراسة الثانوية، ولكن هذا النظام لم يستمر طويلا وألغى بعد 7 سنوات فقط فى عام 1988.. 

 

ليصبح الصفان الأول والثانى دراسة عامة، أما الثالث فأصبح عام التخصص ويمنح الناجح فيه شهادة إتمام الدراسة الثانوية. وفى تسعينيات القرن الـ20 طرأ تعديل كبير على نظام الثانوية العامة، بعد أن أُدخل نظام المواد الاختيارية ومواد المستوى الرفيع.. 

 

وفى عام 1994 أصبحت شهادة الثانوية حصيلة امتحانات السنتين الثانية والثالثة، ومنح الطالب حق التقدم لامتحان المادة نفسها أكثر من مرة مع الحصول على الدرجة الأعلى تحت مسمى «التحسين»، وأدى هذا النظام، أى «التحسين»، إلى حصول بعض الطلاب على مجموع يتجاوز 100٪، ولكن سرعان ما ألغى هذا النظام.. 

 

وإن ظلت الثانوية العامة تُدرس بنظام العامين وبنظام الشعبتين حتى تم تعديله عام 2012 لتقتصر الشهادة على عام واحد هو الصف الثالث بدلا من عامين.. وبحلول سبتمبر 2018، قرر الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم حينذاك، إلغاء العمل بـ نظام الثانوية العامة القديم، وأعلن العمل بالنظام الجديد، الذى بدأ تطبيقه على طلاب الصف الأول الثانوى بداية من العام الدراسى 2018/ 2019.

 

واعتمد النظام الجديد للثانوية العامة على تغيير أدوات التقييم والامتحانات حتى يتم إكساب الطالب مهارات معينة وأيضا إنهاء طرق التعلم التقليدية التى تعتمد على الحفظ والتلقين إلى الفهم والاستذكار، واعتمد على الحاسب اللوحى «التابلت» كوسيلة تمكن الطالب من الوصول إلى المحتوى الرقمى على بنك المعرفة وأداء الامتحانات بشكل إلكترونى يقضى على التظلمات والإجابات النموذجية.

 

وفى عام 2020 أعلنت وزارة التربية والتعليم عزمها إعادة نظام الثانوية التراكمية وتحسين المجموع، ولكنها تراجعت، وقامت فى إبريل 2021 بسحب القانون المقدم بذلك إلى مجلس النواب بعد الاعتراضات الكبيرة عليه.

 

 

وأخيرا أعلنت وزارة التربية والتعلين إعادة هيكلة الثانوية العامة، تقليل عدد المواد الدراسية، لطلاب الصف الأول الثانوى من 10 إلى 6 مواد، حيث أن المواد الجديدة سوف تشمل اللغة العربية واللغة الإنجليزية ومادة التاريخ والرياضيات والعلوم المتكاملة والفلسفة والمنطق، حيث أن العلوم المتكاملة تشمل ضم مادتى الكيمياء والفيزياء في مادة واحدة.

والأمر هكذا لا عزاء للتعليم المصرى فيما نشاهده الآن ووصلنا لحالة الارتباك العام به وإدارة ملفه التى هى انعكاس أيضا لكافة المحاولات للنهوض بالتعليم وتعثرها، وهكذا في مسلسل مستمر من عقود طويلة.

الجريدة الرسمية