رئيس التحرير
عصام كامل

كسرى والحداد.. ونخوة العرب!

جاء في العقد الفريد الكثير من الحكم والأمثال والمواقف التى تعد دروس وعظات لأصحاب العقول، ومن العجب أن العالم كان يتعلم من العرب، واليوم أصبح العرب مسخ في كل شىء، فيحكي أن كسرى ملك الفرس، قال لحاشيته من وزراء ووجهاء: يجب أن نصاهر العرب!

 

فانتفض الجميع قائلين: كيف لنا نحن الفرس أن نصاهر العرب رعاة الأبل؟ هذه كانت نظرة الفرس للعرب، نظرة كلها تعالى وغرور، لم يعلق كسرى، ولزم الصمت، ويذكر في العقد الفريد أن  كسرى كان ملكًا فيلسوفًا وطبيبًا، ويلقب بـ أفلاطون الثاني.

 

وفي أحد الأيام كان في مجلسه، فأمر بإحضار صندوق يضم عقدًا، مرصع بالياقوت والزمرد، قيمته تعادل عشرون ألف دينار ذهبي، تعلقت أبصار كل من بالمجلس بالعقد الثمين، فقال لهم كسرى: هذا العقد لمن ينزع ثيابه كما ولدته أمه أولًا!

 

وحدث في لمح البصر حتى صار كل من بالمجلس عراة، كما ولدتهم أمهاتهم من وزراء ومستشارين وعالية الفرس، وصاروا يتجادلون فيمن له الحق في العقد الثمين، وكل منهم يقول انا من نزعت ثيابي وتعريت أولًا! وتحاكموا فيما بينهم على شخص لينال العقد الثمين، وأعطاه كسرى ذلك العقد.

 

لم ينته الأمر فبعد فترة من الزمن ليست بالطويلة قال كسرى لوزيره: سمعت عن حداد عربيًا في المدينه، أتوني به! جاء الحداد العربي، ويسيطر عليه الخوف والرعب، ولما دخل على كسرى وكان مجلسه ممتلئا كالعادة، قال له كسرى: لا تخف وإنما جلبتك لأمر ينفعك!

 

وأمر کسرى باحضار نفس الصندوق الذى يضم النفيس والغالى، وأخرج منه عقدًا لا يقل جمالًا عن سابقه، فظن من في المجلس أن كسرى سيَعيد الكرة، فوضع كل من في مجلس كسرى يده على ثيابه يتهيأ لنزعها طمعًا في العقد الثمين، لكن كسرى إلتفت للحداد العربي، وقال: هذا العقد ثمنه عشرون ألف دينار هو لك، لكن بشرط أن تنزع عنك ثيابك كما ولدتك أمك!

 

فرد العربي وقال: والله لو أعطيتني فارس كلها وجعلتني ملكًا عليها على أن أنزع عمامتي ما نزعتها!

 

إستغرب كل من في المجلس من رد الحداد العـربـی، والتفـت كسـرى إلى وزرائه ونظر اليـهم نظـرة إحـتقـار وازدراء، وقال لهم: نحن الفرس نملك الملك والشجاعة، لكن ينقصنا الشرف الذي أردت مصاهرة العرب من أجله!

 

 

هذا هو العربى في الزمن البعيد، وهو ليس العربى الآن الذى يرقص مع الصهاينة، ويهادنهم، بل يقف متفرجا على ذبح اللاطفال والنساء في غزة! يا ترى متى تعود نخوة للانسان العربى؟ متى يا أمة العرب؟ متى ستعودين الأمة التى علمت العالم النخوة والعلوم؟!

الجريدة الرسمية