رئيس التحرير
عصام كامل

الفن وسنينه

متى يفعل يحيى الفخراني مثلما فعل العمدة والزعيم؟

في عالم الرياضة خاصةً في الألعاب التي تحتاج ممارستها إلى اللياقة البدنية والفنية ككرة القدم والسلة واليد والطائرة، يبدأ العد التنازلي في اللحظة التي سيعلن فيها اللاعب في هذه الألعاب  الاعتزال، عندما يتجاوز الثلاثين عامًا وتدريجيًا تقل معدلات تلك اللياقة وتصبح القدرة على العطاء في أقل درجاتها.


ولكن هذا لا ينفي وجود حالات استثنائية عديدة لرياضيين خاصةً في كرة القدم كسروا هذه القاعدة ومازالوا يتألقون رغم تقدمهم في السن من أشهرهم النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي على مشارف الأربعين ومواطنه المدافع بيبي صاحب ال 41 عامًا والكرواتي مودريتش نجم ريال مدريد 39 عامًا، ومحليًا نجد الحارسين عصام الحضري ومحمد عبد المنصف  ظلا يعطيان حتى سن الـ46 عامًا.


ومن ثم طالما الرياضي قادر على العطاء بقوة ويضيف لفريقه فلا ضرر من استمراره، ولكن من الأفضل والأكرم له ومن الذكاء أن يحسن اختيار الوقت المناسب لاعتزاله، وهو في أوج عطائه حتى يحافظ على صورته المشرقة في وجدان الجماهير مثلما فعل عدد قليل من نجوم الكرة.. 

 

منهم، الخطيب ومحمد أبو تريكة وعماد متعب ووائل جمعة الذي استمر حتى سن 39، واعتزل وهو فائز مع الأهلي بكأس السوبر الأفريقية، وحتى لا يصل إلى اللحظة التي لا يتمناها أي رياضي وهي التي لا يصبح فيها قادرًا على العطاء فتلفظه الجماهير وتدفعه إلى الاعتزال دفعًا!، وهنا تكمن المشكلة وقد يفقد اللاعب مكانته وصورته البراقة عند جمهوره ومحبيه إلى الأبد!
 

ولكن ما هو الحال إذا ما انتقلنا  إلى مجال الفن والتمثيل تحديدًا، فهل هناك سن أو وقت معين يجب أن يعتزل فيه الفنان مهنة التمثيل؟

العطر الجميل

بالقطع لا يوجد سن معين أو محدد للفنان يجب عليه فيه الانسحاب من الساحة واعتزال الفن نهائيًا، فهو لا ينطبق عليه نفس المعايير المعمول بها لدى الرياضيين، وإن تشابه الجانبان في عامل مشترك هو الأهم على الإطلاق، ألا وهو القدرة على العطاء والتأثير بشكل واضح.. 

 

فطالما كان الفنان في كل مجالات الفن خاصةً التمثيل تحديدًا مازال يمتلك أدواته ولياقته الفنية والذهنية التي تجعله يبدع ويعطي ويؤثر في كل عمل يقدمه بقوة، وليس مجرد رقم في العمل الفني لا تأثير له ولا يوجد تفاعل بينه وبين الجمهور، فاستمراره ووجوده يعد أمرًا مطلوبا ومحمودا حتى أخر نفس في حياته والأمثلة كثيرة على هذه النوعية عالميًا.. 

 

فأسطورة هوليوود الراحل مارلون براندو ظل يبدع حتى رحيله عام 2004، والسير أنطوني هوبكنز نال جائزة أوسكار الثانية في مشواره في سن 82، وكذلك نذكر النجمين الكبيرين آل باتشينو وروبرت دي نيرو مازالا يتألقان رغم تخطيهما الـ 80 عامًا!


ولكن لا شك أن الأجواء المواتية الصحية والنظرة الإيجابية الموضوعية التي ينظرها صناع السينما العالمية لهؤلاء النجوم الكبار، لهي أهم العوامل في تواجد وإبداع هؤلاء النجوم وهم في هذا العمر المتقدم، لأنهم يعتبرونهم بمثابة الكنز والعطر الجميل الذي كلما تقادم زادت رائحته قوة وجمالًا، ومن ثم يحرصون على صناعة وتفصيل الأدوار التي تليق بهم وبمراحلهم العمرية وتساعدهم على مواصلة العطاء والإبداع حتى النهاية.


الزعيم والعمدة 

أما على المستوى المحلي فالوضع مختلف تمامًا مع الفنانين الذين تقدموا في العمر، حيث يقل الاهتمام بهم كثيرًا من قبل صناع الفن، ونادرًا ما تتم كتابة أدوار تناسبهم، ومن ثم قد يضطر معظمهم إلى قبول أدوار ضعيفة وشرفية قد تسيء إليهم وتنتقص من تاريخهم، لمجرد التواجد أو الاحتياج المادي! 

 

وهو ما حدث مع عدد من النجوم الكبار الراحلين أمثال شكري سرحان، أحمد مظهر، يحيى شاهين، مريم فخر الدين وغيرهم، ولم يشذ عن هذا المصير سوى قلة معدودة جدًا نجحت في الحفاظ على نجوميتها ومكانتها حتى أخر لحظات حياتهم، منهم الملك فريد شوقي، الدوان جوان رشدي أباظة، العظيم نور الشريف، الفتى الأسمر أحمد زكي والساحر محمود عبدالعزيز.


ومنهم من آثر الابتعاد وهو في قمة عطائه ونجوميته حفاظًا على الصورة الجميلة في أذهان الجمهور وهو ما يحسب لهم تمامًا، مثل.. فاتن حمامة وليلى مراد وهند رستم، والعمدة صلاح السعدني الذي إنسحب في هدوء من الساحة الفنية عندما وجد أجوائها لم تعد تليق به وهو في أوج عطائه بطلًا لمسلسل ناجح هو 'القاصرات'، وظل بعيدًا لمدة 11 عامًا حتى وفاته.. 

 

 

وكذلك الزعيم عادل إمام أدرك بعد مسلسله الأخير 'فالنتينو' عام 2020 أنه لم يعد قادرًا على العطاء بنفس القوة والتوهج الذي عرف عنه فإبتعد بلا ضجيج  حتى أعلن اعتزاله الفن من أشهر قليلة، أما عملاق الأداء التلقائي النجم يحيى الفخراني صاحب التاريخ الفني الحافل، فمنذ مسلسل 'ونوس' قبل 8 أعوام وهو لا يقدم العمل الجيد المنتظر منه دومًا.. 

لأنه لم يعد يتمتع باللياقة الذهنية والفنية والبدنية المطلوبة بفعل السن والمرض لذلك، ومن ثم لم تحقق أعماله التالية على فتراتها المتباعدة النجاح الذي تعود عليه خاصةً أخرها 'عتبات البهجة' الذي عرض في رمضان المنقضي، ورغم ذلك يصر على الاستمرار والتحدي!، حيث تم الإعلان عن مسلسل جديد له سيعرض في رمضان المقبل من إنتاج  شركة العدل وهي نفس الشركة المنتجة لمسلسله الأخير أيضًا!

الجريدة الرسمية