رئيس التحرير
عصام كامل

التبرير الخاطئ للأسعار

من مقرها الفخم في العلمين أعلنت الحكومة زيادة أسعار البنزين، وهي تعلم أن رفع الأسعار يؤدي لرفع التضخم، وكانت تقول في برنامجها إنها جاءت لتحارب التضخم وتخفض الأسعار، فكيف تخفض الأسعار مع زيادة البنزين والسولار ثم السؤال المهم لماذا الزيادة الكبيرة على البنزين 80 وأنابيب البوتجاز التي يستخدمها الناس الأكثر فقرا؟! 

 

أما المحزن فكان في التغطية غير المهنية عن فوائد زيادة أسعار الوقود ومقارنتها بالأسعار في الدول الأخرى في غير صالح الدولة، بل جعلت الناس تبحث لتكتشف أن مصر من أعلي دول المنطقة في الأسعار مقارنة بدخل المواطن، وحسبة سعر البنزين عن طريق سعره في أي بلد وتحويله للعملة المحلية. 

طريقة تستغفل الناس لأن سعر السلعة يتم عن طريق استخدام الـ relative price (السعر النسبي)، يعني يقسم السعر على تكلفة المعيشة مقارنة بالدخل من خلال مؤشر اسمه cost of living index (مؤشر تكلفة المعيشة)، ساعتها نكتشف أن مصر تصنف من الأغلي عالميا في سعر الوقود، بحسبة بسيطة هتكتشف أن سعر البنزين في مصر طبقًا لمعدل الدخل هو 10 أضعاف سعره في الولايات المتحدة الأمريكية. 

 

مع العلم بأن زيادات أسعار الطاقة هذه المرة تراوحت ما بين 15٪؜ للسولار و10 ٪؜ لأنبوبة البوتاجاز علما بأن أسعار الوقود زادت حوالي ثماني مرات من 2016  حتي اليوم، وخلال هذه الفترة من نوفمبر 2016 حتي يوليو 2024 زاد سعر بنزين 80 من 2,35 جنيه للتر إلي 12,25 جنيه للتر اليوم.. أي بمعدل 4,2 مرة خلال 8 سنوات.

 

وزاد سعر بنزين 92 من 3,5 جنيه للتر إلي 13,75 للتر اليوم.. أي زيادة بمقدار 3 أضعاف وزاد سعر بنزين 95 من 6,5 جنيه للتر إلى أن وصل 15 جنيه للتر أي زيادة بمقدار 1,3 مرة خلال الفترة المذكورة. أما الأنبوبة فارتفع سعرها من 15جنيه إلي 110 جنيه اي بمقدار  6,3 مرة.. وسعر السولار زاد من 2.35 إلي أن وصل 11,5 جنيه بمقدار زيادة حوالي 4 مرات في ثمان سنوات.. 

 

فإذا كانت معظم هذه الزيادات مرجعها انخفاض سعر صرف الجنيه (حيث إن سعر الوقود العالمي لم يحدث به تغير ملموس خلال الأشهر الأربعة الماضية) فما هو ذنب المستهلك في التضخم المفروض عليه، وانخفاض سعر صرف الجنيه الذي تسببت فيه الحكومة من خلال سياساتها التوسعية المنفلتة.

 

ذلك أن كل زيادة في الأسعار هي نوع من أنواع الضريبة غير المباشرة التي تفرض علي المواطن حتى دون موافقة البرلمان! فكيف نتوقع أن ينخفض معدل التضخم بحسب إعلان الحكومة، بينما ترفع أسعار الطاقة طول الوقت، علما بأن الطاقة تمس كل جوانب حياتنا من أسعار مواصلات إلي تكاليف إنتاج زراعي وصناعي إلي تكاليف معيشة وبالتالي فإن الحكومة تعلن سياسات وتمارس ممارسات عكسها تماما..

 

وفيما يخص الدعم الذي يصر صندوق النقد الدولي على رفعه فلم يزد في موازنة العام الحالى عن 16 % من الموازنة، والأجور 14%، وخدمة الدين 63 %.. ولم يتبق للنفقات الجارية والاستثمارية الأخرى سوى 7 % من الموازنة، في حين أصبحت الإيرادات تغطى 66 % فقط من المصروفات..

 

 

وإذا كان هناك أمل في الغد فإنه لن يتحقق إلا بالعودة إلى الجذور في السياسة الاقتصادية السليمة. زيادة طاقات الإنتاج العيني، وتحقيق العدالة الاجتماعية.. بعيدا عن اقتصاد المقاولات والسمسرة والقروض والعمولات.

الجريدة الرسمية