رئيس التحرير
عصام كامل

من يقتل مواهبنا الرياضية؟!

في كثير من البيوت المصرية، مواهب رياضية لكنها لا تكمل المسيرة، ولا تواصل الطريق نحو التألق، بل تتوقف في منتصف المشوار، وتخسر الأسرة، ومصر موهبة كانت كفيلة بتحقيق انتصارات في كثير من المسابقات الدولية، والعالمية، ورفع اسم مصر بين رايات الدول الكبرى في مختلف الرياضات.


هذا ما يحدث غالبا، إلا من رحم ربي.. فلا يقوى على الاستمرار إلا من تسانده إمكانيات مادية ضخمة.. كل خطوة في ملاعبنا وساحاتنا صارت تحتاج إلى ميزانية كبيرة، لا تقوى عليها معظم الأسر متوسطة الحال، ولا أقول الفقراء ومحدودي الدخل.


قرأت منذ سنوات أن ممارسة المصارعة في روسيا، لا تتطلب من ولي الأمر إلا أن يحرم ابنه من تناول الآيس كريم 3 مرات في السنة، لكي يتمكن من الإنفاق على كل ما تحتاجه هذه الرياضة!
 

تألق لاعبنا العالمي محمد صلاح، أغرى كثيرا من الناس، وبعث لديهم الأمل، بأن يصبح أبناؤهم مثله، يحترفون كرة القدم في مصر، ثم ينطلقون نحو العالمية.


اندفع الكثيرون صوب مراكز الشباب، وازدهرت تجارة أكاديميات الكرة، وبعضها كان بإشراف نجوم كبار، إلا أن الآباء والأمهات فوجئوا بأن أبناءهم، مهما كانت موهبتهم، يحتاجون إلى مبالغ أكبر من طاقتهم، لكي ينضموا إلى الأندية الرياضية، حتى لو لم تكن أندية كبيرة ومشهورة.


أحد الزملاء، كان ابنه يتمتع بجسم مثالي، ملائم تماما لكرة القدم، فضلا عن موهبته المعقولة، ورغم تسجيل اسمه، بمعرفة أحد مدربي الكرة في ناد بشرق القاهرة، لكن الأب فوجئ بأن هذا المدرب يطالبه بمرتب شهري لنفسه، فاعتذر له بأن دخله لا يسمح له بذلك، فطلب جهاز محمول، ثم ادعى أنه يعاني من ضائقة مالية ليدفع له زميلنا عدة آلاف من الجنيهات، معتقدا أن المدرب سيتوقف عن عملية الابتزاز التي يمارسها لكي يسمح للابن بالمشاركة في المباريات مع الفريق الأول، فلما ضاق صدر الأب، امتنع المدرب عن إشراك الفتى في المنافسات مع الفريق تماما.


ولما يئس الآب وابنه من إقناع مسئولي النادي بالتدخل لدى المدرب، والتوسط للاعب الناشئ، اتخذا قرارا بالانسحاب من الساحة، والتوقف عن ممارسة اللعبة، وهكذا خسرت مصر موهبة ربما كان ينتظرها مستقبل باهر.


في ذات الوقت، لا تسمح أوضاع الدراسة، وتوقيتاتها بتألق الشباب في ممارسة الرياضة، فيكون على الأسرة أن تختار لابنها، أو بنتها بين الدراسة أو الرياضة.. فغالبا ما يكون البطل الرياضي متعثرا في دراسته، أو ينال شهادة متواضعة!


هذه العقبات تتكرر في كل الرياضات، ولا تقتصر على كرة القدم فقط، فالسباحة مثلا من الرياضات التي يقبل عليها الأطفال والشباب في مصر، لكن واقع المسابقات لدينا لا يبشر بخير، لنفس الأسباب، حيث يجب أن يكون لدى الأسرة إمكانيات مادية للإنفاق على الهدايا والمجاملات، وربما المرتبات، التي تقدم لمن بيدهم قرار الدفع بالناشئ واللاعب للمشاركة في المسابقات.


ومن المهم كذلك الاهتمام بالتغذية الصحية، وعرض اللاعب الناشئ منذ نعومة أظفاره على الأطباء المتخصصين، من أجل فحص حالته الصحية، وحالة القلب، حتى لا يصطدم الجميع بإصابته بأزمة قلبية مثلا، بعد سنوات.. 

 

 

وأمامنا واقعة الراحل محمد عبد الوهاب، وأيضا المغفور له أحمد رفعت، الذي اهتزت لوفاته جميع الأوساط، وقامت الدنيا، ثم نامت، لأسباب ليس هذا مجال مناقشتها.

أتمنى أن يكون ما أسلفناه موضعا لاهتمام حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، وفي القلب منها وزارة الشباب والرياضة، والقائمين عليها، فبدون ذلك لن تقوم لنا قائمة على ساحة الرياضة دوليا.

الجريدة الرسمية