.. ولابس كرافتة وبدلة آخر شياكة!
ترى صفحته علي شبكات التواصل وصورته وهيئته تشعر أنك أمام أحد مفكري الثورة الفرنسية.. أو قادة عصر النهضة في أوروبا.. لكن ستكتشف الزيف والتزييف فور مطالعة آرائه العامة.. وستتساءل عن حال التعليم أولا والثقافة ثانيا والذوق العام ثالثا في بلادنا وما جرى لها!
ينعوج على مقعده أمام اللاب ويكتب: "لا يونيو ثورة ولا يوليو ثورة.. كلاهما انقلاب"! تتماسك وتتحلى بالصبر وتسأله: "طب ممكن يا فندم تقولنا تعريف الثورة وتعريف الانقلاب"؟! بالطبع سيفاجئه السؤال ويفسد عليه سهرته مع متابعيه، وهم يعتقدون في جهبذته وسيحاول البحث عن التعريفات على جوجل وسيتفاجأ أنه غبي وجاهل..
ولذلك لن يعود للحوار مرة أخرى أو يحاول التشويش عليه بالانتقال إلي موضوع آخر أو لا يجد حلا إلا في التطاول وشخصنة الموضوع!
لآن جوجل أفهمه أن الانقلاب هو استبدال حاكم بحاكم أو أسرة أو نظام بمجموعة أخرى لكن دون تغيير علي الأرض.. سلطة انتقلت من هؤلاء إلي أولئك، أما الثورة فهي تغيير شامل في الأوضاع السياسية والاجتماعية يتبدل فيه الدستور وتحل المؤسسات وتبني من جديد بقوانين جديدة هي دائما لمصلحة أغلبية الشعب.
لا توجد ثورة ترضي كل الشعب.. لأنها ببساطة ستتم على مصالح قطاع من الشعب سيكون بالضرورة ضدها! وهي ثورة حتي لو قام بها فرد واحد.. لذلك يقولون ثورة علي الأوضاع، أي تطهير داخل نظام الحكم القائم أو حتي ثورة إدارية أو ثورة خضراء أي استهداف تحول الحال جذريا!
هؤلاء الأفنديات من أصحاب "أشيك ناس علي فيسبوك" وباقي الشبكات أكمل معهم أي حوار.. ستصدم في الكثيرين منهم.. هو -مثلا- وعائلته أبناء التعليم المجاني.. ستجده يهاجم المجانية، وبعد نقاش بسيط ستكتشف أنه لا يعرف الفرق بين حال التعليم وفلسفة المجانية..
وأن الثانية لا ذنب لها في الأولى.. وأن الأولي نتاج سياسات خاطئة بدأت قبل أربعين عاما سلمنا فيها التعليم للأمريكان ولأسباب أخري عديدة، وأن المجانية موجودة في أعتي الدول الرأسمالية، وأنه -وهذا هو الأهم- لا يوجد شعب في العالم يفرط في مكتسباته.. يصح ضبطها أو تعديلها لكن ليس التخلي عنها!
وهكذا.. عشرات القضايا تجد فيها الثقافة السمعية سيدة الموقف.. البعض لا يقرأ لكنه يصر علي الإدلاء برأيه فيما لا يعرف، ولم يسع لكي يعرف ولم يبحث فيه.. وبكل أسف يكونون شركاء في صناعة الجهل علي التواصل!
هذه مهمة مقدسة.. علي الدولة مواجهتها بكل أدواتها.. الثقافة والمعرفة.. والحرب علي الثقافة السمعية التي تستغلها الجماعة الإخوانية الملعونة أسوأ استغلال!