هل لجنة دراسة بيان الحكومة أمل جديد؟
أجد أن انعقاد اللجنة الخاصة المشكلة لدراسة بيان الحكومة الجديدة أمر في منتهى الأهمية والحيوية، حيث إن وجود لجنة تقوم بدراسة بيان الحكومة وطبيعة عملها في الفترة القادمة هو دليل على السير في المسار الصحيح؛ فذلك الأمر يعني ببساطة أن هناك من يراقب طبيعة عمل الحكومة، ويعدّل من طريقة العمل بما يخدم المواطن..
وهذا الأمر مستحدث على الحياة السياسية المصرية، فلم نجد منذ تعديل الدستور في 2018 ونصه على وجود مثل هذه اللجنة أن لها وجود إلا في هذه المرة التي تعد الأولى بالطبع، ففي أعقاب إعادة تكليف الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، بتشكيل الوزارة في 3 يونيو 2024، قام بعرض برنامج الحكومة الجديدة أمام مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، في الثامن من يوليو 2024..
حيث قام مجلس النواب بتشكيل لجنة خاصة لدراسة ومناقشة البرنامج الحكومي الجديد، هذه اللجنة شُكلت برئاسة المستشار أحمد سعد وكيل أول مجلس النواب، والنائب محمد أبو العينين وكيل مجلس النواب، ورؤساء اللجان النوعية ورؤساء الهيئات البرلمانية وعدد من النواب المؤثرين والخبراء الاقتصاديين والاجتماعيين.
ونأمل أن تؤتي اللجنة ثمارها ودورها الرقابي، ويزيد من فائدة اللجنة أنها تستدعي الوزير المسئول لتناقشه في برنامجه في الفترة القادمة، فعلى سبيل المثال استعرض وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين في الخارج، السياسة الخارجية المصرية القائمة على حماية الأمن القومي والقضاء على جميع التحديات داخليًا وخارجيًا، والتواجد في جميع المحافل الدولية لإظهار صورة الدولة المصرية بشكل سليم..كما أعرب عن وجود خطة لدى الوزارة لتلافي جميع المشكلات التي تواجه المصريين في الخارج.
وأكد وزير التموين والتجارة الداخلية على خطة الوزارة لإعادة هيكلة منظومة الدعم وتحوله من دعم عيني إلى نقدي، مشيرًا إلى تعاون باقي الوزارات المعنية في هذا الشأن، مؤكدًا أن الوزارة تبنى خطة ممنهجة لتشديد الرقابة على الأسواق ومواجهة ارتفاع الأسعار، مشيرًا إلى أنه يتم العمل على تطوير منظومة التجارة الداخلية وإنشاء الأسواق الداخلية والمراكز اللوجستية.
كما استعرض وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات رؤية الوزارة في برنامج الحكومة مؤكدًا استعداد الوزارة لتقديم كل الدعم لقطاعات الدولة، وأن استراتيجية بناء مصر الرقمية أول مستهدفات الوزارة.
وقد أبدى العديد من النواب أعضاء اللجنة الخاصة العديد من الاستيضاحات حول الملفات المعروضة في بيانات الوزراء مقترحين العديد من الرؤى التي تمكن الحكومة من أداء أعمالها بكل جدية، الأمر الذي لاقى ترحيبًا من جانب الوزراء المعنيين متعهدين بتنفيذها.
ومما سهل عمل اللجنة أن بيان الحكومة كان واضحا ومحدد في كتاب من 300 صفحة به خطط تفصيلية وأعمال قابلة للقياس، يستطيع البرلمان متابعتها بصورة يومية فيما بعد، لأنه حمل رؤية شاملة للملفات التى تشغل اهتمامات المواطنين، مقسمة إلى محاور رئيسية، "حماية الأمن القومي، وبناء الإنسان، وبناء اقتصاد تنافسي جاذب للاستثمارات، وتحقيق الاستقرار السياسي والتماسك الوطني".
وما يدعم للتفاؤل أن الحكومة وفي المناقشات تعهدات أمام البرلمان، بأن المواطن سوف يشعر بالتحسن فى الفترة المقبلة، والسيطرة على ارتفاع الأسعار والتضخم والاستمرار فى المشروعات القومية الكبرى، وتأكيد الحكومة الجديدة عزمها بجدية تامة على تحسين مستوى معيشة المواطنين والنهوض بالاقتصاد الوطنى، ومواجهة أى تحديات تواجه الدولة المصرية خارجيا وداخليا، من خلال خطط وأساليب عملية وعلمية مدروسة لاستكمال بناء الجمهورية الجديدة.
والجدير بالذكر أن كل هذه التعهدات سوف تكون تحت الفحص الدائم والرقابة المستمرة من أعضاء اللجنة بصورة خاصة والبرلمان بصورة عامة، خاصة أن اللجنة تضم نوابا متخصصين فى جميع المجالات، من رؤساء اللجان النوعية وممثلي الهيئات البرلمانية للأحزاب، ومستقلين ومعارضة وسيدات وشباب، اللجنة الخاصة عددها 42 نائبا حتى تكون المناقشات والرقابة أكثر فاعلية.
فالأساس الذي تقوم عليه المناقشات بين اللجنة والحكومة يتمثل في السياسات العامة الخاصة بالمواطن من حيث تكلفة المعيشة والخدمات اليومية والحقوق، بالإضافة إلى أولويات أخرى حددها الرئيس في تكليفاته للحكومة الجديدة.
كما أن مناقشات اللجنة تحتكم لفقه الأولويات، في ظل ما تضمنه البرنامج من كثير من الإيجابيات، في ظل أن اللجنة لديها الإمكانيات التي تساعدها على اختصار البرنامج والتحديد والتركيز على ترتيب أجندة خدمة المواطن والوطن.
كما أن الجلسات المنعقدة تسهم أيضا في صياغة تشريعات تصب في صالح المواطن وتحدث فارق ملموس في الكثير من الملفات الشائكة، وفي مقدمتها الإصلاح الاقتصادي والقضاء على جشع بعض التجار من خلال ضبط الأسواق، فإن التنسيق والتعاون المشترك بين مجلس النواب والوزراء الجدد يسهم في خلق حالة نقاشية تنتهي بتوصيات تهدف لإعلاء مصلحة المواطن وتخفيف العبء عن كاهله في المقام الأول.