رئيس التحرير
عصام كامل

حديث قلب

فاطمة السنوسي ملكة ليبيا الأولى والأخيرة

سمعنا عن مليكات وأميرات اخترن حياة البذخ والترف والرفاهية، لكن بطلتنا هنا هي الملكة فاطمة السنوسي (زوجة الملك إدريس السنوسي).. رحمهما الله، لقد حملت هذه الملكة الهموم مبكرا، وعاشت حياة الغربة والفقر، وأقامت العديد من المشاريع الخيرية والاجتماعية، وإنحازت للفقراء والبؤساء، فاجتمع بسطاء الناس علي حبها واحترامها حتي اللحظات الاخيرة من حياتها، حيث توفيت في مكان اقامتها بالقاهرة عن عمر يناهز ال 99 عاما!


هي ابنة السياسي والمناضل الكبير أحمد الشريف السنوسي، وزوجة مؤسس الدولة الليبية إدريس السنوسي، وحفيدة مؤسس الطريقة السنوسية محمد بن علي السنوسي وهي شخصيا، كانت ملكة ليبيا الأولى والأخيرة في العصر الحديث.
 

السيدة فاطمة السنوسي، ولدت في عام الحرب 1911 في مدينة الكفرة، ونشأت هناك حتى بلغت السابعة عشر من العمر، ثم تزوجت من إبن عمها إدريس السنوسي عندما كان أميرا لبرقة في عام 1934 وانتقلت للعيش معه في مصر.


تحملت الملكة فاطمة السنوسي الهموم مبكرا، فقد تكبّدت عناء السفر إلى مصر فوق ظهور الإبل، وعاشت الغربة والفقر والتقلبات الحياتية مع زوجها حتى تمكن ومن معه من نيل الاستقلال وتأسيس الدولة الليبية الحديثة.

 

الملكة فاطمة السنوسي كانت لبقة في الشكل والحديث والملبس، وكل من عرفها تحدث عن طيبتها وأخلاقها وطريقة استقبالها للضيوف وكرمها البالغ، إضافة إلى هذا فقد مارست دورها الدستوري كملكة ليبية على أكمل وجه، وقامت بالعديد من الأعمال الاجتماعية والخيرية المتميزة التي جعلت الأهالي يحبونها ويحترمونها حتى هذه اللحظة.


آخر ما وصل من رسائلها إلى الإعلام جاء فيه: “أحب أن أقول إننا نحمد الله على أن تيجان الملكية لم تبهرنا قط ولا نشعر بالأسف لفقدها، فنحن كنا دائمًا نعيش حياة متواضعة ولم يغب عن أذهاننا مثل هذا اليوم، كما نحمد الله كثيرا لأننا لا نملك مليمًا واحدًا في أي مصرف حتى يشغل بالنا المال، ولم نغير أبدًا معاملتنا لأصدقائنا وهي لن تتغير مع الأيام”.


سافرت مع زوجها إلى المنفى لم يكن لها ولا للملك أي ثروة مالية رغم حكمهم الذي دام نحو 18 عاما كاملة، ولم تجد حتى حق الرجوع إلى ليبيا وبقيت حبيسة المنفى بقية عمرها. توفيت السيدة فاطمة السنوسي في 3 أكتوبر في مكان إقامتها بالقاهرة عام 2009 عن عمر يناهز 99 عاما، بعد أن عاشت حياة حافلة ومتغيرة ومتقلّبة.. 

 

فقد ولدت في ظروف قاسية وحرب عالمية ثم سافرت وتزوجت في عمر صغير وعاشت توتر مرحلة الحرب العالمية الثانية وكواليس ما قبل الاستقلال، وكانت شاهدة على التغييرات الجذرية الكبرى ليس في ليبيا فقط وإنما في عدد من دول العالم آنذاك..

 


ونالت الملكة فاطمة السنوسي أعلى درجة يمكن أن ينالها مواطن، فصارت ملكة الدولة الناشئة التي ذهبت خطوات مميزة نحو الحضارة والتقدم، لكنها لم تلبث أن نُفيت عن بلادها هي وزوجها وماتت وحيدة مثله، من دون التقدير الذي استحقوه طوال حياتهم.

الجريدة الرسمية