جميل وأسمر وطبعه عنيد أقرب له.. يروح لبعيد!
الشاعر الكبير عبد المنعم السباعي تغني بكلماته كبار نجوم الطرب، وعلي رأسهم أم كلثوم (أروح لمين)، ومحمد عبد الوهاب (أنا والعذاب وهواك)، وعبد الحليم حافظ (لايق عليك الخال)، ونجاة الصغيرة (يا هاجر بحبك)، وغيرهم من نجوم الطرب، ولكل اغنية كتبها لها قصة وحكاية..
أما أغنية جميل وأسمر التي غناها محمد قنديل، فتحكي قصة غرام حقيقية عاشها عبد المنعم السباعي مع السمراء الجميلة مديحة يسري، وكانت حبا بلا أمل ولا نهاية، إذ ظل قلبه خافقا ولم يكن أمامه سوي هذه الكلمات لتحمل أشواقه وهيامه إلي من أحبها!
جميل وأسمر وطبعه عنيد أقربله يروح لبعيد، الجملة التي غناها محمد قنديل ضمن أغنية جميل وأسمر، لم يدرك قنديل وقتها أنه يحمل رسالة غرام من عاشق لمعشوقته المستحيلة، العاشق هنا هو ضابط الجيش وأحد الضباط الأحرار والشاعر الغنائي عبدالمنعم السباعي بينما المعشوقة هنا هي السمراء الجميلة دائما أبدا مديحة يسري.
بين عبدالمنعم السباعي ومديحة يسري قصة غرام غريبة الشكل، الضابط الشاعر وقع في غرام الفاتنة السمراء، فظل يؤلف فيها الأغاني ويعطيها للمطربين، فهو أفضل من كتب عن السمر في الغناء المصري، لان معشوقته السمراء كانت لا تبادله ذلك الغرام، فكان حبه بدون أمل.
الاستحالة في إتمام قصة العشق تلك كانت بسبب زواج مديحة يسري من محمد فوزي، فكان عبدالمنعم السباعي يعشقها رغم إنها سيدة متزوجة، فلا حيلة لنا في مشاعرنا وقلوبنا، ولم يكن أمامه
سوى الأغاني لتحمل أشواقه وغرامه لمعشوقته الحسناء، ليختار لها أفضل وأعذب الأصوات في تاريخ مصر لتحمل لها حبه ولكن هيهات.
150 أغنية حملت إسم عبدالمنعم السباعي، يا تري كم عدد الأغاني التي كتبت في مديحة يسري وحدها؟ الحقيقة أنه لا حصر لتلك الأغاني ربما أغلبها أيضا كتب في مديحة يسري، حتى أغنية أروح لمين التي غنتها كوكب الشرق أم كلثوم كانت مكتوبه لمديحة يسري، لدرجة أن أم كلثوم حينما قابلت مديحة يسري قالت لها ما تشوفي الراجل اللي بيحبك ده، لتجيب مديحة أعمله إيه يعني أنا متجوزة.
عبدالمنعم السباعي من محافظة الغربية وخريج الكلية الحربية، التحق بتنظيم الضباط الأحرار بعد نشأته، وكان أحد رجال ثورة يوليو، ورغم انشغاله بعمله كضابط جيش لم يترك كتابة الأغاني قط، بل تخطى كتابة الأغاني وكتب ثلاثة مسلسلات إذاعية وهم سمارة، وعفريت سمارة، وأمارة بنت سمارة، كما كتب أيضا ثلاثة أفلام سينمائية وهو إسماعيل يس في الجيش، وسمارة، وطريق الأبطال..
كما صدر له مجموعة قصصية تحت عنوان كؤوس الشقاء، والسباعي لم يكن بعيدا عن وسط الكتابة والصحافة قبل ثورة يوليو، بل كان يكتب في مجلة روز اليوسف منذ عام 1948، وبعد قيام الثورة أصبح مشرفا على الإذاعة، ثم إنتقل لجريدة الجمهورية وظل يعمل بها حتى وفاته، ربما تتجلي أقصى درجات حبه وعذابه في هذا الحب حينما كتب أغنية انا والعذاب وهواك التي لحنها وغناها محمد عبدالوهاب، والذي يسأل فيها سؤاله الأهم ”أخرتها إيه وياك ياللي انت ناسينا؟”.
في النصف الأول من الستينات حصل صدام بين عبدالمنعم السباعي وبين عدد من رجال الضباط الأحرار، ويقال إن الصدام كان بينه وبين عبدالحكيم عامر شخصيا، ومن وقتها تحول السباعي إلى شخص مغضوب عليه من النظام، ويقال إنه إكتفى بالعمل في جريدة الجمهورية وإعتزل العمل الفني حتى وفاته في 1978، وكان عمره وقتها يقترب من الـ60 عاما.