حكاوي زمان، صلاح جاهين يروي قصة الضجيج السنوي الملعون في الذهاب والعودة من المصايف
فى مجلة صباح الخير عام 1966 كتب الكاتب الفنان صلاح جاهين مقالا قال فيه:
ترى كم فى المائة من شعبنا الكريم.. أستحلفك بالله العظيم يا حضرة المواطن الهمام، يا من تشكو من شدة الزحام، كم فى المائة هم المسئولون عن ذلك الضجيج السنوى الملعون.. الذى يحدث كما هو سائد فى الذهاب والعودة من المصايف.
كم فى المائة يا سيدى العزيز والذهب الخالص يمكن أن تسمح لهم الظروف بتسلخ الأكتاف والأنوف وبنصب خيمتهم على البلاج سواء الغالى ولا أبو بلاش.
لقد ضربت المسألة فى رأسى محاولا أن أحسبها بنفسى، فوجدت أن الناس القادرين على إنفاق عطلتهم مصيفين، وعلى الركوب إلى سواحل البحار مستخدمين الباص أو القطار نسبتهم إلى الأمة المصرية واحد ونص أو اثنان فى المائة.
قلت فى عقل بالى يا نهار باين يا ولاد كل الدوشة دى على 2% بس، أومال لو راح ننتظم فى المستقبل ويرتفع مستوى معيشة المجتمع ويصبح الكل قادرين على التصييف راح يحصل إيه؟ رعد بلدى؟
لكن رجعت وقلت إننا في المستقبل زى ما راح نتقدم فى المستويات المعيشية برضك راح نتقدم في الشيء اللى إسمه نظام، وبدال ما نبقى فرادى وكل فرد له خط وماشى يدهوس فى زمايله، ويزاحم لحد ما يوصل قبل الباقين ولو اضطر يعارك، ويناكف فى الخلق.
راح يبقى بلد متحضر فيه الناس مجاميع يشغلها نظام، والرحلات الجماعية بدأت تظهر أهوه حوالينا وبتنتشر فى الصيف فى المستقبل كمان..ليس معنى الرحلات الجماعية انعدام الحرية الفردية، لكن كما أن كل شخص لديه مزاج يخشى عليه من الإزعاج.. فهناك أيضًا مثله آخرون بمثل إحساسه يشعرون..وهم تقريبا من نفس مشربه، ومآربهم من نفس مآربه.
وتقاس الحضارة عند الشعوب بما تستطيعه من تآلف القلوب وخلق نوع من الانسجام بين مطالب كل الأنام، وتعالوا نزور بحر البلطيق لنرى بأعيننا كيفية التنسيق وكيف تنطلق الجموع فى كل عطلة إلى البحار، وإلى ذرى الجمال ونظامهم فى منتهى الجمال، أما أخوكم العبد لله فيدعوكم للنداء وبأن نشد حيلنا قوى سواء المادى أو المعنوى ونبدأ خطواتنا إلى الأمام وننمى إنتاجنا قوام قوام، والكل يطلع للشط ويفرفش، أما النظام فضرورى راح نتعلمه واللى ما يفهمش ضرورى نفهمه.