ساخرون، حكاوي زمان.. يوسف إدريس يحكي قصته مع فندق ممنوع على الجنس الناعم
في مجلة نصف الدنيا عام 1998 كتب الدكتور يوسف إدريس مقالا حول دور المرأة في حياتنا، وكيف أن الله خلق الذكر والأنثى لحكمة إلهية عليا إدريس قال في مقاله: الحديث عن أهمية المرأة ودورها وضرورة مساواتها التامة بالرجل حديث لا يزال يدور فى مجتمعاتنا منذ أكثر من نصف قرن.
لكن فى خضم هذه الأحاديث والتفكير كان يخطر لى خاطر غريب وهو، لماذا لم يخلق الله سبحانه وتعالى الجنس البشرى وغيره من نوع واحد يتوالد من تلقاء نفسه، ويكفى الله الرجال والنساء الاقتتال حول المساواة والحقوق والواجبات والزواج والطلاق..
وطال بى التفكير كثيرًا فى حكمة الله فى خلق أجناس من كل زوجين اثنين، إلى أن بدأت أدرس علم الوراثة دراسة عميقة، وهنا أدركت الحكمة، فلو كان الحيوان يتوالد من تلقاء نفسه لما تطور الحيوان أبدا إلى حيوان أرقى، وإنما ظل يكرر نفسه وصفاته كأنه كمبيوتر.. تتطور الكائنات مع توارث الأجيال.
وحين تختلط الصفات الوراثية داخل المولود الجديد الذي يرث فى معظم الحالات أحسن الصفات لدى والديه، ويختفى الضعيف منها ويستمر القوى.
ولاحظنا أنه من خلال التوالد تتم التباديل، فالولد الأول يأخذ من أمه وعائلتها معظم صفاته، بينما البنت تأخذ من أبيها وعائلته معظم صفاتها.. وكله يأخذ فى النمو والسمو والتفوق.. ولولا هذه الخاصية ما تحضر الإنسان، ولما نما العقل البشرى، هذه حقائق علمية لا شك فيها.
ولكنى أيضًا أحيانا ما يخطر على بالى سؤال ماذا لو اختفى جنس بأكمله من الدنيا سواء كان الرجال أو النساء؟ وقد حدث حادث جعلنى أكف تماما عن هذا التساؤل، فقد دعيت إلى بلد عربى يفصل تماما بين عالم الرجال وعالم المرأة، وكان مؤتمرا كبيرا حقًّا، والحضور على أعلى درجة من التثقيف والتحضر.. ولم يكن فى الفندق الذى نزلنا فيه أو الأماكن التى زرناها امرأة واحدة.
وبعد يومين من الإقامة أحسست أن مع الضيافة الكريمة والطعام الفخم شيئا مهما لا أعرفه، أحس به يجعلنى جديا أفكر فى قطع الزيارة والعودة إلى مصر.
وفى تأملى لما يحدث لى أدركت السبب.. إن الوجود فى جنس رجالى محصن يبعث على الألم والسقم.. إذ بدا وكأننى أحيا بنصف واحد، بعين واحدة ونصف وجه ويد واحدة وساق واحدة، ويالحكمة الخالق وهو يقول « إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ» فلا قيمة لذكر وحده، ولا قيمة لأنثى وحدها.. تلك هى مشيئة الخالق، وحين يخالفها البعض يخرجون عن دائرة الحكمة الإلهية العليا.
والله إن للمرأة فى حياتنا دورا أكبر بكثير من أنها تحمل وتلد وتربى الأطفال، إنها أكسجين الحياة المعطر، ورحيق الحياة، فلا عجب أن يقال عن المرأة نصف المجتمع.