رئيس التحرير
عصام كامل

بائع غزل البنات بين قسوة الواقع وإطعام أطفاله!

في شوارع مصر، حيث تنتشر روائح الحلوى الشعبية وتُزينها الألوان الزاهية، يقف أبو رحمة بائعٌ بسيطٌ لـ غزل البنات حاملًا عصا خشبية بسيطة، يزينها خيوط السكر الملونة، كأنها قوس قزح ينشر البهجة في أرجاء المكان. لكن خلف ابتسامته المُجمدة، تُخفي عيناه حكاية يأس وقهر، حكاية رجل فقير يصارع قسوة الواقع ليُطعم أطفاله.

 

في أحد الأيام، واجه البائع مشهدًا قاسيًا، فبينما كان ينتظر زبائن يشترون حلوى غزل البنات، لم يأتِ أحد. ساعاتٌ مرّت ثقيلةً كأنّها دهرٌ، والشمس بدأت تغرب، تاركةً خلفها خيبة أملٍ وأسىً يتغلغلان في قلب أبو رحمة.

 

تراكمّت الديون وتضاعفت، وفقد البائع الأمل في بيع بضاعته. في لحظة يأسٍ مريرة، لم يتمالك نفسه، فألقى بـ غزل البنات على الأرض، فتلطخ لونها الزاهي بغبار الشارع، كأنها دموع تنهمر من عينيه. مشهد مؤثر هزّ قلوب المارة، ووثّقته عدسات الكاميرات لينتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي. 

ودفعهم للتساؤل عن قصته المُحزنة، وتناقلوا حكاية بائع غزل البنات، الذي أصبح رمزًا للفقر والقهر في زمن قسا فيه الواقع على أحلام البسطاء.
 

انهالت المساعدات على البائع من كل حدب وصوب، من أشخاص طيبين لمسوا معاناته، وتأثروا بقصته. شعر الرجل للمرة الأولى منذ زمن طويل بلمسة من الإنسانية، وبشعاع من الأمل يُضيء ظلامه.

 

لم تكن حكاية بائع غزل البنات مجرد قصة عابرة، بل كانت لوحة واقعية تُجسد معاناة شريحة كبيرة من المجتمع. قصة تُثير تساؤلات حول دور الدولة في مساعدة الفقراء والمحتاجين، من خلال توفير فرص عمل مناسبة لهم، ودعم مشاريعهم الصغيرة، والقضاء على ظاهرة الفقر التي تُعيق حياتهم وتُحطّم آمالهم.

 


إنّ حكاية بائع غزل البنات هي حكاية إنسانية تستحقّ منّا التوقف والتأمل، فما حدث معه ليس مجرد تصرف فردي، بل هو انعكاس لواقعٍ مُعاش يعاني منه الكثيرون. فلنُبادر بمدّ يد العون لهؤلاء الباعة، ونُساهم في تخفيف معاناتهم، ونُساعدهم على استعادة الأمل في حياة كريمة.

الجريدة الرسمية