رئيس التحرير
عصام كامل

أصحاب شعار ملناش دعوة وإحنا مالنا!

منذ اتفاقية كامب ديفيد تسربت نغمة غريبة لا تتفق مع عروبتنا والمبادئ التى تحكم حتى المصالح المصرية، عندما قال من اعترض على الصلح مع العدو إنه صلح يعطى للكيان الصهيونى، أكثر مما كان يحلم به، ومن أهم توابع الاتفاقية هو انفراد الكيان الصهيونى بالقوة الغاشمة في المنطقة، ويفعل ما يريد، ببساطة غياب مصر عن المعادلة.. 

 

ذلك الغياب الذى أعطى الكيان الصهيونى الحرية لضرب سوريا أو لبنان أوالمفاعل العراقى أو يغتال قادة منظمة فتح في تونس، أو يدمر غزة والضفة فوق الفلسطينين، وأن يعتقل الالاف من أهلنا في فلسطين، ببساطة لا يمكن لأى دولة عربية مواجهة الكيان الصهيونى غير مصر، كما قال العبقرى جمال حمدان إن العرب بدون مصر لايستطيعون فعل شىء، ومصر بدون العرب لا تستطيع أن تفعل شىء! 

 

كل ما تستطيع فعله الدول العربية هو المقاومة ولكن لا تستطيع المواجهة مع مصر، سنفترض التسليم بالنغمة التى زرعها الرئيس السادات ورحل، بأننا لن نحارب بدل العرب، والفلسطينين هم أحرار فقد رفضوا ما عرضته مصر في مفاوضات الصلح مع الكيان الصهيونى.. 

 

وللتاريخ بداية.. كان أى نظام عربى يريد الاستمرار في الحكم، كان لابد من رضا مصر، ومن تغضب عليه مصر يهتز تحته كرسى الحكم، هذا لم يكن تدخل من مصر ولكن قوة تأثير الدولة المصرية، ويكفى أنه في الجمعية العامة بالأمم المتحدة كانت 37 دولة افريقية تنظر إلى مندوب مصر، فإذا رفع يده رفعوا وإذا لم يوافق لا يوافقوا، هذه شخصية مصر وقوة تأثيرها التى فقدتها بالتدريج بسبب اتفاقية الصلح مع العدو الصهيونى.

تراجع الدور المصري

أخذ الدور المصرى يتراجع ويتقلص ويردد البعض "ملناش دعوة وإحنا مالنا"، ابتعدنا عن ليبيا فتقطعت أوصالها، فاستقبلنا عدة ملايين من الإخوة الليبين، أهملنا السودان بحجة "إحنا مالنا" فتقطعت أوصاله وجاء عدة ملايين من الأخوة السودانيين، وأهملنا سوريا الحبيبة فتمزقت وجاء من أهلنا ملايين إلى مصر.. 

 

وسبق هؤلاء جميعا العراق عندما سمحنا للولايات المتحدة الإرهابية بالدخول إلى المنطقة ثم غزو العراق بمباركة العرب ووقوفهم لا حول ولا قوة، فجاء الى مصر عدة ملايين، وبعد أن أهملنا اليمن وتمزقت جاء ملايين إلى مصر، واليوم يشكو البعض من وجود الملايين العرب في مصر، وللأسف هذا بسبب إبتعاد مصر عن العرب وتقوقعها وإنحسار قوة الدولة المصرية الخارجية، هل عرف الذين يرددون "ملناش دعوة وإحنا مالنا" إن غياب مصر يكلفنا الكثير والكثير!

 
تقوقع الدور المصرى عن أفريقيا، جعل الكيان الصهيونى يتغلغل فيها، والأسوأ ما حدث من إثيوبيا عندما تم إنشاء سد إثيوبيا ونحن عاجزين عن فعل شىء منذ عشر سنوات، الولايات المتحدة الارهابية التى تبعد الاف الكيلومترات، تعتبر أوكرانيا أمن قومى، تعتبر افغانستان أمن قومى، وإمتلاك إيران سلاح نووى يهدد الأمن القومى الامريكى والصهيونى والعالم بالرغم من إمتلاك العدو الصهيونى السلاح النووى، والكيان الصهيونى يضرب في إيران والعراق وسوريا بالرغم من بعد المسافات بدعوى حماية الأمن القومى للصهاينة.


أما اليمن الدولة التى تمثل العمق الاستراتيجى المهم والخطير لمصر، أهملناها من زمن، وأخذ الجهلاء يتحدثون عن التدخل في اليمن في الستينات، نقول لهم إن تدخل مصر طرد الإنجليز، والأهم أنه وضعت مصر يدها على باب المندب، كان هذا من أسباب نجاح حرب أكتوبر عندما اغلقته قواتنا البحرية ومنعت أى دعم عسكرى من البحر للعدو.. 

 

ثم تراجع دورنا حتى أصبحنا خارج المنطقة، وبالتالى أصبح باب المندب تحت سيطرة الحوثين والقوات الامريكية وحلفائها، والثمن مصر تدفعه كل يوم فقد تراجع دخل قناة السويس أكثر من الثلثين وهذه كارثة للاقتصاد المصرى.

 


لست ضد وجود الاخوة العرب مطلقا، ولكن لو أن مصر حاضرة وقوية مثلما كانت في الستينات وحتى منصف السبعينات ما كان الموقف الذى نعانى منه الآن!
هل الرسالة وصلت يا أصحاب شعار "ملناش دعوة وإحنا مالنا"؟! مصر الحقيقية بقوة تأثيرها خارج حدودها، وكما حذر جمال حمدان إن التقوقع يعنى إعطاء الفرصة لمن يطرق أبوابنا ويقتحمها!

الجريدة الرسمية