الصفقة فوق ألغام كاذبة!
انتهت الجولة السادسة لوزير الخارجية الإسرائيلية الأمريكية معا، أنطوني بلينكن أمس، وقبل رحيله ألقى بالكرة ساخنة في ملعب حماس وهدد بأن واشنطن لن تسمح لحماس بتقرير مصير المنطقة، ووجه عدة اتهامات منها أن حماس تأخرت 12 يوما قبل أن ترد أول أمس، وأنه سهر طول الليل ينتظر الرد، ويدرس الرد، وأنه وجد أن حماس أدخلت تعديلات وطلبت تعديلات.
وأن في الرد الحماسي ما يمكن قبوله وما لا يمكن قبوله، وفي المجمل اعتبر أن رد حماس ليس نعم للمقترح المصري أساسا الذي نطق به بايدن لمدة أربع دقائق، قبل أن توافق عليه إسرائيل وتكتم الموافقة، ثم يحول بايدن المقترح الى مجلس الأمن ليتم تمريره بأغلبية 14 عضوا وامتناع روسيا.
وكشف المفكر والخبير الاستراتيجي لواء دكتور سمير فرج في لقاء له على محطة صدى البلد أن ذهاب واشنطن إلى مجلس الأمن جاء نزولا على رغبة يحيى السنوار ليحظى بالدعم والضمان الدولى الملزم قبل أن توافق حماس علي المقترح.
انتهت بالفعل الجولة، ويمكن أن نعتبر ما قاله مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان، مناهضا ومكذبا لما قاله وزير الخارجية الأمريكي، فقد قال إن ما طلبته حماس في ردها الذي قدمته إلي القاهرة والدوحة هو تعديلات طفيفة.
بل الأدهى أن حماس أعلنت أنها لم تدخل تعديلات جوهرية، بل ربما هي ذاتها النسخة التى سبق أن وافقت عليها في السادس من مايو الماضى بتشجيع من القاهرة، مما أحرج إسرائيل التى راهنت على رفض حماس، فلما وافقت حماس اقتحمت إسرائيل رفح لتقليب الأوراق وخلط السياسة بالقذائف والحرائق وإثارة توتر بلا داع مع القاهرة!
الغريب في الأمر حقا أن كل الكلام عن موافقة إسرائيل على قرار مجلس الأمن بالصفقة لم تعلنه إسرائيل ولم ينطق به نتنياهو حتى الآن، بل عرفنا أن إسرائيل موافقة من تصريحات بلينكن التى قال فيها أن النتنياهو أخبره أنه ملتزم بالموافقة.
الموقف إذن كما يلي:
إسرائيل موافقة كما أعلنت أمريكا، وحماس موافقة وفق تصريحات جاك سوليفان مستشار الأمن القومى وليست موافقة وفق اتهامات بلينكن، وكلاهما رجلان في موقعين خطيرين في ادارة بايدن، أما الوسيطان الحائران القاهرة والدوحة، ومعهما المراوغ بلينكن فيريدان إبرام الاتفاق لوقف النار والدم والخراب من غزة إلي لبنان إلي الجولان إلى مدخل البحر الأحمر إلى قناة السويس، نزيف مالى مرعب لمصر!
نقطة الخلاف الأساسية كما وضحتها من قبل في مقال لنا على منصة فيتو تكمن في بدء المرحلة الثانية، فالمطلوب فيها استمرار وقف القتال طالما استمرت المفاوضات، وتخشى المقاومة أنها لو سلمت الثلاثين محتجزا لديها من المرضى والجرحى والمسنين والنساء المدنيات، أن تستأنف إسرائيل حرق ما تبقى من غزة.
وفي رأيي الشخصي فإنك إن لم توافق فهي تضرب وتحرق وأنت تستنزفهم كمائن وقذائف وألغاما، فلماذا لا نجرب الثقة في الضامنين الثلاثة، القاهرة والدوحة وواشنطن، على الأقل للاستفادة من الأسابيع الست للمرحلة الأولى في إعادة ترتيب الأوضاع والتقاط الأنفاس والحد من الشهداء المحتملين.. والتخفيف عن الناس المرعوبين المكلومين المقتولين كل يوم.
فإن عادوا عدت، وإن التزموا فزت وانتصرت سياسيا.. هذه وجهة نظرى كمحلل متابع للكارثة المحدقة بالجميع عدا القتلة ومعاونيهم في واشنطن!