رئيس التحرير
عصام كامل

تلك الحكومة

فاجأ الرئيس الناس بتغيير الحكومة، رغم نداءات شعبية واعلامية للتغيير تكررت عقب فوزه بثقة الناخبين المصريين بنسبة كبيرة، حتى إذا ملوا من الدعوة إلى الحاجة الى التغيير، ومالوا إلى الاستسلام والتغاضى، خرج الرئيس بقرار قبول استقالة الحكومة، لكن المفاجأة الأكبر للناس كانت إستمرار الدكتور مصطفي مدبولي.


في مسألة الدكتور مدبولى هنالك اتجاهان، أحدهما حق والآخر جدال بشأن ما سئاتي به.
الأمر الأول أن الدكتور مصطفى مدبولي تولي الوزارة في أوقات شديدة الصعوبة، كثيرة المخاطر، تحالفت فيها على الوطن أزمة كورونا الفيروسية القاتلة مع أزمة أوكرانيا الخانقة المستمرة، ثم هو خاض معركة تعويم واحدة بعد الأخرى، ثم حلت بنا وحولنا ومن فوقنا ومن تحتنا مصيبة غزة.

 

 

فضلا عن تراجع مرور الحاويات في قناة السويس، وتزامن مع ذلك كله غلاء فاحش غير مسبوق، بسبب شح الدولار، وتراجع تحويلات المصريين وتوحش السوق السوداء، لجأت إليها الحكومة نفسها لتدبير ما تيسر، قبل أن توجه إليها لاحقة نطحة قوية برأس الحكمة وملياراتها. 

 

ويمكن القول أن قبلة الحياة التى تلقتها الدولة المصرية من أكبر استثمار مباشر في تاريخها، جعل الناس يسألون الحكومة بجرأة: فيم ستنفقون المال الوفير هذا بعد أن أنفقت المال السابق في أولويات عليها خلاف؟


وومن الحق القول أن الدكتور مدبولي وحكومته المستقيلة وقف عاجزا بشكل يصعب تبريره أمام عصبة المحتكرين السبع، الذين أفشلوا خططه، وأسخطوا الناس على حكومته.. بل يمكن أن أقول باطمئنان. أن هنالك حكومة تجار تحت السطح، تدير وتتحكم، لأنه من غير المفهوم إستمرار زيادة التلاعب في الأسعار والأوزان، في الخبز، وفي الأجهزة وفي الألبان ومنتجاتها.


الأمر الثاني هو ما عبر عنه المصريون بخفة ظل حولت احساسهم بالاستياء إلى مجرد تنفيس، فقالوا إن إعادة تكليف المهندس مدبولي بتشكيل الحكومة، أشبه بإعادة تشغيل الروتر بعد قفله، وتلك كانت أخف التشبيهات وطأة، ولا يجوز ذكرها تأدبا في حق رجل قدم الكثير بالفعل في أدب جليل، لكن هل لايزال لديه ما يقدمه بحق بعد ما توحش عليه التجار ولم تردعهم انذاراته، تجبرا واستخفافا؟


يرى الناس أن رئيس الحكومة قدم بالفعل أقصى ما لديه، وهو مهندس إنجاز، وهو حقق وأنجز وتابع، لكنه ليس رجل رؤية اقتصادية، وأن البلد محتاجه مجموعة اقتصادية ذات علم وخيال، علم ينتشلنا من الدوامة وفق قواعد الاقتصاد والمال المحيطة بالعالم، وخيال يأخذ الوطن إلى حلول مبتكرة.


ولقد طرحت أسماء مصرية عالمية، تحتل الآن مناصب كبيرة مثل الدكتور محمود محيى الدين، الذي ترك البلد بعد مؤامرة يناير الأسود 2011، في هوجة الملاحقات الظالمة والفترة الانتقامية من رجال الدولة في عصر الرئيس الراحل مبارك رحمه الله.. لكن من ذا الذي سيقبل العودة.. لكي يشتم ويهان ويتعرض للتخوين؟


وما دام الفأس وقعت في الرأس فعلينا التعامل مع الواقع، ونتمنى للدكتور مصطفى مدبولي أن يقدم للناس أداء أشمل وحلولا تبتعد عدة كيلو مترات عن جيوب الناس.

 


من المؤكد أن الأجهزة المعنية ترصد دوامات من الاستياء والزعل، بسبب صعوبة العيش، واستمرار بجاحة لصوص التجار الكبار ويتساءل الرأي العام عمن يغض الطرف، أو يتستر عليهم أو يحميهم.. 
نجاح الحكومة المقبلة رهن بضرب لصوص التجار. أما الشعارات التى تم تسويقها قبل اسبوعين عن تراجع فهي من صنع الوهم.. حكومة قوية حاضرة هذا ما يريده الشعب.

الجريدة الرسمية