رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس الحكومة والرسالة الرئاسية

علي ما يبدو أنه لم تصل بشكل واضح الرسالة التي وجهها الرئيس السيسي للحكومة الأسبوع الماضي بضرورة مخاطبة الرأي العام بتكاليف السلع والخدمات والتبعات المالية التي تتحملها الحكومة!


عقب توجيهات الرئيس خرج رئيس الحكومة علي الرأي العام ليعلن قرارات أو توجهات حكومته خلال الفترة المقبلة. أهم ما فهمه الرأي العام من كلام رئيس الحكومة أن الفترة المقبلة ستشهد تحريكا لسعر الخبز المدعم ولأسعار الكهرباء والمحروقات!
 

وقال رئيس الحكومة إن مسألة تخفيف الأحمال ستنتهي بنهاية هذا العام، وهذا تنفيذ لتكليف من الرئيس بضرورة إنها هذا الموضوع. وعدد رئيس الحكومة فاتورة النفقات التي تحملتها وتتحملها الحكومة لتوفير السلع والخدمات وخاصة السلع الأساسية!


وبدا من كلام رئيس الحكومة أنه يؤكد علي أنه لا طريق ولا سبيل آخر إلا تحريك الأسعار وإعادة النظر في اجمالي قيمة الدعم الذي تتكبده الحكومة، وبدا أيضا أن رئيس الحكومة يؤكد كذلك أنه وحكومته لا مجال أو سبيل لديهم للترشيد الإنفاق أو للبحث عن موارد إضافية تقلل من العجز الحاد الحادث بين النفقات والموارد!

رسالة الرئيس


الحقيقة.. فإني أزعم أن رئيس الدولة عندما طالب الوزراء بالتحدث مع الناس والكلام معهم، لم يكن يقصد فقط أن يخرج رئيس الوزراء وزملاءه للتبشير بزيادة الأعباء وزيادة الضغوط، في وقت زادت الضغوط والنفقات خلال السنوات الماضية، عدة أضعاف، وتراجعت معدلات الدخول والرواتب رغم الزيادات المتكررة التي قررتها الدولة لمعاونة الناس في تحمل هذه الأعباء، التي لا شك في أن جزء كبير من أسباب هذه الأزمات، يرجع لعوامل أزمات خارجية وعالمية.

 
أظن أن السيد رئيس الجمهورية كان يهدف كذلك من وراء دفع الوزراء للخروج للكلام مع الناس إلى دفع الحكومة للتحاور مع الناس بحثا عن حلول مختلفة، وربما وسائل إضافية لما توصلت إليه وتمارسه الحكومة من أساليب، فالمنطق يقول إنه من الوراد أن هناك وسيلة أو إجراء ما، لم تنتبه إليه الحكومة يمكن أن يحقق توفيرا أو عوائد إضافية، أو شيىء من هذا القبيل!


من الواضح أن رئيس الحكومة وأعضاء حكومته، يتعاملون مع الأمور بمنطق أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، وهذا ليس بصحيح، علي الأقل من وجهة نظري!


الموضوعات المهمة، بل غاية الأهمية التي تحدث عنها رئيس الحكومة، وهي رغيف الخبز والكهرباء والمحروقات والدعم عامة، تتحمل أن تعيد الحكومة البحث عن بدائل أكثر جدية وانضباطا في مواجهتها بدلا من السعي لتحريك أسعارها ومقابل تأديتها كلما تأزمت الموارد!


علي سبيل المثال وليس الحصر، ماذا فعلت الحكومة في عمليات الهدر وسرقة الكهرباء التي تقول الحكومة ذاتها أن هذا الهدر يتجاوز 20مليار جنيه، نعم 20 مليار جنيه.. هدر يعني سرقات الكهرباء المنتشرة في العديد من مناطق الجمهورية، الهدر يعني كذلك عدم الترشيد في العديد من الكيانات والأجهزة الحكومية!


ماذا فعلت الحكومة لتقليل هذه الفجوة الضخمة بين ما ينتج من كهرباء وما يتم تحصيله من قيم لهذه الطاقة المنتجة! الحقيقة.. أن الحكومة لم تفعل أي شيئ يمكن أن يقلل هذا الهدر، أو علي الاقل لم تعلن لنا الحكومة أنها تعاملت مع هذه الأزمة ولم تنجح!


كذلك دعم الوقود وخاصة المحروقات، هناك مشروع أنفق عليه أموالًا ليست بالقليلة، كان يعرف بمنظومة الوقود، وكان يتضمن استحداث بطاقات الكترونية لمستحقي المحروقات المدعومة، وإغلاق الطرق علي المستغلين الذين يستولون علي الوقود المدعم لاستخدامه في أمور بعيدة كل البعد عن المستحقين، وتضمنت الدراسة المشار إليها، كل المعلومات المرتبطة!


هل سعت الحكومة إلي ترشيد دعم المحروقات والتأكد من المستحقين للدعم فقط هم من يحصلوا علي الوقود والمحروقات المدعومة.. لا أظن.. أو بالاحري لا أعلم!
 

الحقيقة.. أن ما تفضل بإعلانه رئيس الحكومة مؤخرا عن نية الحكومة تحريك أسعار بعض السلع والخدمات، لا يعدو أن يكون عملية حسابية خالية من أية أبعاد اجتماعية يقوم بها أي خبير مالي أو حسابي نضع أمامه أرقام نفقاتنا ومواردنا، فيقول لابد من تقليل النفقات لتقليل الفجوة بين الموارد والنفقات، وهذا أمر قد يكون سليم حسابيا، لكنه أمر يحتاج إلي رؤي سياسية، تضع في اعتبارها أن الناس تحملوا ما لا طاقة لهم به.
 

 

أختم بالتأكيد علي تعاطفي الشديد مع رئيس الحكومة وزملاءه، وأؤكد فهمي وإدراكي لحجم الأزمات والضغوط غير الطبيعية التي واجهت هذه الحكومة، وأدرك أنها وبكامل أعضاءها بذلوا كل ما يستطيعون في أداء مهامهم. ولكن.. أظن أن رسالة الرئيس كانت تعني أن تتحدث الحكومة مع الناس للبحث عن سبل جديدة تخفف الأعباء ولو بقدر ضئيل عن الناس قبل الحكومة.

الجريدة الرسمية