ترحموا على هذه السيدة!
قبل أشهر.. اقترب مني وكنت في قلب قناة سي بي سي.. قال بأدب جم: حضرتك ا. أحمد رفعت اللي بتتكلم في الإذاعة؟! قلت: أيوه.. قال: برنامج مواجهة؟ قلت: أيوه.. قال: أنا هنا باشتغل مهندس في ستوديو القناة.. اسمي وليد الوحش.. بكلمك بناء علي طلب والدتي.. هي بتتابع البرنامج حلقة حلقة كل يوم سبت واثنين وتحفظ مواعيد البرنامج وتتابعه دقيقة بدقيقة..
وقالت أوصلك السلام.. أمي وطنية جدا.. بتحب البلد جدا.. رديت التحية وطلبت نقل السلام والتحية وشكرته جدا جدا.. ثم قال: علي فكرة.. أمي مش ست بيت.. دي مديرة سابقة لبنك كبير.. مصرفية كبيرة لكنها خرجت قبل فترة علي المعاش لكنها من عشاق الراديو وبتدعيلك دائما! فتمنيت لها كل الصحة والعافية.
وقبل أسبوع.. وبذات الطريقة.. قابلني وعلي وجهه تلك الابتسامة التي ما بين الضحك والبؤس.. قال لي.. وبصوت خفيض: أمي توفيت! كان الخبر صاعقًا! كيف ذلك؟! لا حول ولا قوة إلا بالله لقد اعتدت خلال شهور تبادل التحية مع السيدة الفاضلة والدته.. حتي أنه إذا التقاني يوم الأحد مثلا يتأكد مازحا ويسأل سؤال التحصيل الحاصل: هل هناك حلقة غدًا؟! وأجيبه بنعم وكأنني اطمئنه!
واليوم رحلت السيدة الفاضلة بغير مرض صعب أو طويل، إذ أبلغني أنه تعب مفاجئ ورحلت في المستشفي!
في الحقيقة حزنت جدا.. جدا.. وصحيح ليس من حقي أن أملأ مساحة مقال ممنوح لي من جريدة مرموقة وموقرة في مساأة خاصة.. رغم أنهم كرماء لا يبخلون علي كتابهم بشيء، لذلك متأكد من تقديرهم ليكون من نصيب إحدي المتابعات المحترمات الوطنيات هذه السطور، لنعلم أن الدنيا بالفعل لا تساوي شيئا، وأنها لا تحتاج منا إلا لعمل كل ما هو خير حتي بالكلمة الطيبة..
ولعل هذه السطور تكون سببا في دعوات الكثيرين لها بالرحمة، وفي يوم الجمعة وما بعده، ولتكون تعزية لمهندس محترم كان مثالا للبر بأمه.. رحمها الله وأسكنها فسيح جناته!