رئيس التحرير
عصام كامل

نعلن عن وفاة الطبقة المتوسطة بمصر

كل مواطن مصرى يحب أعز الأوطان لابد أن يشعر بالقلق من سياسات الحكومة الحالية، والشعور بالقلق مبرر غريزيا ومجرب واقعيا، فالخراب الذي عشناه أثناء وبعد مؤامرة يناير 2011، لم يغادر الذاكرة بعد، ولا تزال آثاره التدميرية عميقة في موازنة الدولة وفي جيوب المواطنين.. 

 

من ناحية أخرى فإنه لا يمكن قط وصف هذه الحكومة بأنها لا تحب الشعب أو تتعمد جعل حياته أكثر صعوبة، بالعكس، فمنتهى طموح أي حكومة هو إسعاد الناس.. لكن المسألة لا تتعلق بالنوايا، بل تتعلق بالعمل خارج السياق!


هل تعمل حكومة الدكتور مدبولي خارج السياق؟ أي سياق هذا؟ يتحدث المهندس مدبولي طول الوقت عن الضغوط والحلول والأخيرة مرتبطة بالتضحيات، تبدأ وتنتهى بجيوب الشعب!


في الشهور الأخيرة، بل ربما الأسابيع الأخيرة من نهاية حكم الرئيس الراحل حسنى مبارك، حذرت في مقال لي بعنوان شئ من الدم قبل أن يراق الدم، لأن رأس المال توحش، ودخل أمانة السياسات وتجمل بالامانة ومصاهرة السلطة، وهو ما عبرنا عنه وقتها بزواج الثروة بالسلطة والعكس.. 

 

إلغاء الدعم


شيء من هذا يحدث الآن.. صحيح أن الحكومة تدلل الرأسمالية المصرية، السادة رجال المال والأعمال، واعترف الرئيس بشطارة القطاع الخاص في أكثر من مناسبة، لكن لم يحدث قط أن قدر رجال الأعمال تقدير الدولة لدورهم، وأذكر أن الدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء الراحل في عهدي مبارك ومرسي، شكا للرئيس مبارك خناقات رجال الأعمال..

 
رجال الأعمال في عصر الرئيس السيسي منوط بهم قيادة قطار التنمية، وهذا واجب، وهو تكليف يقدره الحقيقيون منهم، ومع ذلك فإن منهم من لايزال يدوخ الحكومة ويحرجها بالممارسات الاحتكارية الفجة والسرية، ليجعلها تبدو فاشلة أمام الناس، ولابد من الاعتراف بأن الأسعار لاتزال متوحشة، وأن ما نزل غير مؤثر، رغم افراج الدولة عن مليارات الدولارات للاستيراد وتخليص البضائع المكدسة بالموانئ..

 
وأمس وأول أمس أخذت الحكومة في عزف مقطوعة جديدة حول رغيف الخبز المدعم، والحقيقة أن جنيها واحدا يشترى 20 رغيفا تموينيا هو سعر غير مقبول وغير عادل، وهو الرغيف الذي اشتريه وتشتريه أنت بجنيهين ونص، ووقت الأزمة وصل لأربعة جنيهات.. 


رفعت الحكومة السعر ليكون بعشرين قرشا للرغيف الواحد.. وهي تفعل ذلك لتوفر 13 مليار جنيه تنفقهم على حياة كريمة، وهذا شئ طيب، لكن لما الحكومة تعلن علي لسان المستشار محمد الحمصاني المتحدث بإسم مجلس الوزراء عن رفع تدريجي لأسعار المواد البترولية، عدا السولار..

ورفع تدريجي لأسعار الكهرباء، فضلا عن الارتفاع العشوائي الجاري بالفعل في سوق الدواء، ناهيك عن نقص أدوية حيوية، لما تقول الحكومة أنها تعتزم ذلك خلال السنوات الأربع القادمة.. فعليكم إعلان وفاة الطبقة المتوسطة في مصر.. 

 

 

والوفاة تتم بالفعل وليست محتاجة أربعة أعوام مقبلة، لأننا بالفعل سقطنا تحت ضروس عصابة الاحتكار التى هددها رئيس الحكومة أكثر من مرة، ولا حياة لمن تنادى.. شئ من الدم قبل أن تعود ريمة لعادتها القديمة!

الجريدة الرسمية