رئيس التحرير
عصام كامل

كهرباء مجانا في كل بيت!

نفتح الباب ولا نقفله.. وبشكل مباشر هل تريد الحكومة أن يساعدها الناس في حل المشكلة أم تطلق تصريحات فقط ينطبق عليها المثل الشعبى كلام الليل زى الزبدة يطلع عليه النهار يسيح! الحكاية ببساطة أن هناك أزمة في إنتاج الكهرباء الآن.. وبعيدا عن الأسباب وبدون الدخول في النقاش والجدل.. هل تريد الحكومة حل المشكلة أو على الأقل التخفيف من حدتها؟ الإجابة المنطقية: نعم، لكن الواقع يقول عكس ذلك.. كيف؟

في البداية ناديت مع الكثيرين من قبل بتحويل أسطح المنازل وواجهات المنازل إن أمكن وأسطح السيارات وأعمدة الإنارة إلى محطات لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية.. ورحبت الحكومة على لسان المسئولين في وزارة الكهرباء بالفكرة، لكن من يخوض التجربة يعرف الحقيقة.. 

وزارة الكهرباء لا تريد من جهة والأسعار المبالغ فيها لمستلزمات هذه المحطات تقف على الجانب الآخر من عرقلة الفكرة، حتى يصدق قول البعض إن الحكومة لا تريد حل المشكلة حتى يصعق المواطن بنار فواتير الكهرباء بعد حرقه بنار الأسعار.

وحتى لا يكون الكلام معمما تعالوا نرى حجم الأوراق المطلوبة لإنشاء محطة طاقة شمسية فوق أى منزل وكم العراقيل الموضوعة والموافقات والإجراءات البيروقراطية والرسوم المالية المطلوبة.. كل هذا بعيدا عن تكلفة الإنشاء والتركيب التى تصل إلى مئات الآلاف من الجنيهات.. فهل بعد ذلك يتقدم مواطن لعمل محطة للطاقة الشمسية في منزله؟!

الموضوع باختصار مطلوب تدخل القيادة السياسية لتحويل المشروع إلى مشروع قومى تشترك فيه كل أجهزة الدولة. 

في البداية.. تخيلوا معى أن كل أسطح المنازل في القاهرة كمرحلة أولى وقد تحولت إلى محطات طاقة شمسية.. بدلا من كونها الآن مقالب للقمامة والمخلفات.. تخيلوا معى وقد أصبحت كل أعمدة الإنارة في شوارع القاهرة والطرق السريعة وقد ارتدت قبعة من الخلايا الشمسية.

تخيلوا معى وقد أصبحت أسقف سياراتنا والأتوبيسات قبعات من خلايا إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، والسؤال الذي يطرحه الكثيرون من أين نأتي بالأموال الطائلة؟ الإجابة سهلة جدا..

لكن قبل الإجابة يكون السؤال المهم: هل لدينا الإرادة فعلا لتحويل هذه الفكرة إلى مشروع قومي لإنتاج الكهرباء النظيفة من كل بيت ومنشأة كي نسد الفجوة التي تقف وراءها أسعار الغاز والبترول من جهة أخرى.

وتخيلوا معى كمْ سنوفر من العملة الصعبة في استيراد وقود محطات الكهرباء وكم سنكسب من عمله صعبة إذا صدرنا الفائض من الكهرباء للخارج وأوقفنا استيراد الوقود، نعم طرحت الفكرة من قبل ولن أيأس من تكرارها حتى تجد صدى عند الجميع للنقاش.

والحكاية في المشروع القومي المقترح هو تحويل كل أسطح المنازل إلى محطات للطاقة الشمسية ولا مانع إذا كان هناك بعض الأعمدة تصلح لتركيب مراوح إنتاج الطاقة من الرياح.. وارتفاع أسعار الكهرباء كفيل بإقناع الناس بالمشروع، وتوفير العملة الصعبة التي تدفعها الحكومة في استيراد الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء سيجعلها تفكر أيضا. 

 الكنز المتجدد

أعرف أن مشكلة التمويل هي الأصعب.. وأعتقد أن البنوك ووزارة الكهرباء تستطيعان الإنفاق على هذا المشروع لخلق مصادر دخل جديدة، والاستفادة من أموال البنوك غير المستغلة، وبالتالي زيادة موارد الدولة في نهاية المطاف.. كيف؟

ما ستدفعه وزارة الكهرباء ستأخذ به كهرباء، يعنى الناس “حتبيع كهرباء للحكومة زي ما بتشترى منها”، ويمكن عمل مقاصة بين ما تنتجه كل محطة صغيرة في أي منزل وما يستهلكه مع احتساب نسبة معينة لسداد ثمن المحطة، بالمشاركة بين شركة الكهرباء وأصحاب الأسطح.. 

يعنى الشركة بالأموال والمواطنين بالأماكن ويقسم العائد بالنسب المتفق عليها ثم يتم ضخ المنتج من الكهرباء من الطاقة الشمسية فورا إلى الشبكة العامة، وبالتالي لا نحتاج إلى بطاريات لتخزين الكهرباء مما يقلل من التكلفة.

وما تدفعه البنوك ستأخذ مقابله فوائد، طبعا فوائد البنوك لن تكون مرتفعة ولكن حجم الأموال الكبير المستثمر سيعوض الفوائد الصغيرة.. تطبيقا للمثل التجارى “اكسب قليلا تبيع كثيرا فتربح كثيرا”.

والمهم أيضا أن إسناد إنتاج هذه المحطات إلى مصانع الإنتاج الحربى والهيئة العربية للتصنيع وباقى شركات القطاع العام وقطاع الأعمال سيجعل المكسب مضاعف، مع إستخدام أحدث التكنولوجيا العالمية لإنتاج ألواح شمسية والبطاريات ومستلزمات هذا المشروع القومى وبكميات ضخمة سيقلل من التكلفة كثيرا، وسيعود على هذا المنشأت الصناعية بالربح الكبير..

 

فضلا عن إقامة خطوط إنتاج ضخمة يتيح تشغيل الآلاف بل من مئات الآلاف من العمال في هذه الصناعة، ويمكن أن يكون مصدرا للعملات الأجنبية إذا ما نقلنا خبراتنا وإنتاجنا للتصدير إلى الدول المحيطة!

ودور آخر مهم لوزارة التعاون الدولي بمخاطبة مؤسسات البيئة العالمية للحصول على منح عالمية وقروض بدون فوائد للحفاظ على البيئة بزراعة أسطح المنازل بمزارع الطاقة الشمسية والرياح وفتح الباب لجذب الاستثمارات الضخمة لإنتاج الطاقة الكهربائية من الرياح والشمس، وهي طاقة متجددة لا تنضب ولا تلوث البيئة، والحمد لله لا يستطيع كائن من كان أن يقاسمنا أو يحرمنا منها!

تعالوا ندرس إمكانية تغطية واجهات العمارات والمنشآت والمباني الضخمة بخلايا الطاقة الشمسية بديلا عن دهانات الحوائط العادية وتكسيتها بالرخام وبدلا من الواجهات الزجاجية التي تحول بعض المباني إلى صوب زجاجية، ويتم إنفاق مبالغ كبيرة لتكييفها بعد ذلك!

 

تعالوا نتوسع فى تحويل السيارات للطاقة الشمسية للحد من التلوث واستخدام البنزين؟ وهكذا نحول نقمة الشمس الملتهبة إلى نعمة وثروة، نحمى منازلنا من آثار حرارة الشمس وخاصة فى  الأدوار العليا.. ونواجه انقطاع التيار الكهربائى، وإنارة التجمعات السكنية في الصحراء.  

Yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية