الكرد والكيان الصهيوني.. من البرزانيين إلى الأوجلانيين
محاولة لإزالة الالتباس (3)
كتاب الموساد في العراق ودول الجوار – انهيار الآمال الإسرائيلية الكردية، للكاتب الصحفي والباحث الصهيوني الأمريكي شلومو نيكديمون المتخصص في مجال مسارات القرار الصهيوني، كشف عن التعاون بين جهاز الموساد الصهيوني والملا مصطفى البرزاني في الفترة من العام 1963 إلى العام 1975 وتغلغل الموساد داخل شمال العراق.
لاستخدام الكرد جسرًا للعبور نحو دول الجوار، إيران وتركيا، وإضعافًا للعراق الذي كان الكيان يرى فيه خطرًا حاضرًا ومستقبلًا على كينونته، وأشار المؤلف إلى أن دولة الكيان الصهيوني منحت البرزاني رتبة لواء؛ تقديرًا لجهوده في تسهيل سفر اليهود العراقيين إلى دولة الكيان.
استند المؤلف في معلوماته إلى حوارات أجراها مع عناصر من الموساد الصهيوني الذين كُلفوا بالإشراف المباشر على النشاطات في كردستان، وعلى وثائق سرية، وتقارير إعلامية، وأرشيفات خاصة وعامة، ومذكرات ورسائل كتبها مستشارون صهاينة إبان تواجدهم في كردستان العراق.
كشف الكتاب أيضًا عن أن الملا مصطفى البرزاني كان يقود التمرد ضد الحكومات العراقية مستعينًا بالمستشارين الأمنيين والعسكريين الصهاينة الذين لم يفارقوه، أو يفارقوا معسكره، طيلة تلك السنوات، وكانت طواقم المستشارين العسكريين الصهاينة تستبدل بصورة دورية، كل ثلاثة أشهر، ويترأسها بصورة دائمة أحد عناصر الموساد، وإلى جانبه ضابط في جيش الاحتلال الصهيوني، ومستشار فني.
وكانت عناصر الموساد والمستشارون الصهاينة يقومون بدورات تدريبية لعناصر البرزاني في مجال تعلم أساليب الحرب الحديثة، وغالبًا ما كان الصهاينة يصطحبون وفدًا طبيًا للإسهام في معالجة البرزانيين وعناصر قواتهم.
الكتاب يتطرق بإسهاب إلى مساعدات إدارة الكيان الصهيوني للبرزاني وجماعته، نظرًا لعدم وجود ميناء بحري لكردستان العراق، ووقوع جميع المطارات الموجودة في أراضيها تحت السيطرة العراقية، لذا فإن الدخول إليها يصبح مستحيلًا، إلا إذا تم عبر تركيا أو إيران أو أرمينيا، مما جعل تقديم المساعدات الصهيونية رهنًا برضا ورغبة الحكومة الإيرانية.
معلوم أن رئيس وزراء العراق الأسبق نوري السعيد كانت تربطه علاقات قوية مع تل أبيب، سواء مباشرة أو من خلال حلف بغداد الَّذي كان يضمّ تركيا وإيران وبريطانيا، وعلى إثر ثورة 14 يوليو/تموز بقيادة عبدالكريم قاسم الذي كان معاديًا للكيان الصهيوني، عمل جهاز الموساد على المزيد من الاهتمام بالشمال العراقي، عبر علاقاته مع عائلة البرزاني.
فقد أرسل عبر إيران وتركيا العديد من ضباطه لتدريب مسلحي البرزاني، وكان اليهودي الكردي أفرائيم همزة الوصل بين الطرفين. وسمى الموساد دعمه للبرزانيين "عملية السجاد"، وكأنَّه كان يريد لهذه العملية أن تكون بمثابة السجاد الأحمر لدخول المنطقة عبر البرزانيين.
كما أن عددًا من البرزانيين المختلفين مع الملا مصطفى البرزاني كشفوا عن وجود الصهاينة في كردستان العراق، حيث صرح كل من عقراوي وعبيد الله البرزاني إلى الكاتب المصري المعروف محمد حسنين هيكل بأن عناصر من الصهاينة يرافقون الملا مصطفى باستمرار ويتصلون مباشرة باللاسلكي مع دولة الكيان الصهيوني، ويقومون بأعمال تجسس في العراق.
وفي هذا الإطار يذكر أستاذ العلاقات الدولية الأمريكي اللبناني آدموند غريب في كتابه القضية الكردية في العراق، أن جهازي الموساد والسافاك الصهيونيين شكّلا جهاز مخابرات كرديًا/ برزانيًا متطورًا، لجمع المعلومات عن الحكومة العراقية، وأوضاع العراق ونقلها إلى جهازي السافاك والموساد.
وكانت الدعاية البرزانية تعتمد المبالغة والتهويل؛ فمثلًا حين تقتل عشرة من الجنود العراقيين كانت تعلن عن مقتل مئتي جندي عراقي.
وللموضوع ظلال سنتناولها بالتفاصيل إن كان في العمر بقية.