رئيس التحرير
عصام كامل

كلمة الحياة

جذورك فين؟

في سنة من سنوات الدراسة، كنا ندرس مادة تخص علم النباتات، وكنا ندرس فيها قدرة بعض النباتات على التكيف مع ظروف البيئة الصعبة أو الطقس السيء، وكل ما شابه هذه الظروف وكيف يستطيع النبات التأقلم والعيش معها حتى يظل على قيد الحياة حتى في أهلك الظروف دون أن يتأثر بأي ظروف محيطة به.

 

وأتذكر عندما طُلب مني أن أكتب بحث عن إحدى هذه النباتات، وجدت إسم نبات غريب جدًا، على ما أتذكر كان إسمه تامبل ويد، Tumbleweed، وبعيدًا عن إسمه، أتذكر ما لفت نظري في ذلك النبات هو قدرته الفريدة على التكيف مع ظروف معيشته، فهو في البداية ينمو في منطقة تكون رطبة، فيبدأ بغرس جذوره، وبعدها تبدأ أوراقه في النمو ويمتد عوده أو ساقه.

 

ولكن إذا انقلبت الأحوال، وجفت التربة من حوله، يبدأ في الإنكماش والتكور حول نفسه حتى يصبح كرة جوفاء عبارة عن جذور وأوراق جافة ملتفة حول نفسها ويترك نفسه حتى تحمله الرياح، وعندها، يظل ينتقل مع الريح من مكان لمكان، حتى يصل لنقطة جديدة رطبة، وعندها، يبدأ في غرس جذوره مجددًا، وبعدها يبدأ في التغذي والاستمرار في الحياة وإذا جفت التربة من حوله مرة أخرى، يقوم بنفس الشيء حتى يظل على قيد الحياة.

 

وأتذكر أنني عندما قرأت عن ذلك النبات، تذكرت كلمة السيد المسيح في بشارة معلمنا يوحنا البشير، في الإصحاح الخامس عشر وبالتحديد العدد الرابع، عندما قال السيد المسيح -له كل المجد-: "اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ، كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ"، فهو أصل حياتنا الذي لا نستطيع أن نحيا أو نوجد بدونه في تلك الحياة.

 

ففي كل وقت عندما نثبت في المسيح، نستطيع أن نقاوم تجارب كثيرة، وأن ننمو في حياتنا الروحية معه أيضًا، وعندما نغفل عن تلك الحقيقة، نبدأ في الذبول الحيوي والروحي في حياتنا، نبدأ في الجفاف من كل النواحي الحياتية حتى نصل لمرحلة الموت ونحن مازلنا على قيد الحيا،ة  نظرًا لأننا قد ابتعدنا عن مصدر حياتنا وسرها وهي نعمة الله التي تعمل فينا ومن خلالها نستطيع أن نفعل أشياء كثيرة.

 

 

قبل أن تنظر للظروف من حولك، أنظر في أي أرض قد ثبت جذورك؟، هل ثبتها في مشيئة الله وأدركت أن نعمته قادرة أن تعمل فيك ومن خلالك؟، أم ثبتها في الحياة وهي تتغير بين كل لحظة والآخرى ولا ثبات ولا سلام فيها؟، عليك يا عزيزي أن تراجع حياتك، قبل أن تصل لمرحلة الجفاف، وحينها ربما يكون ثمن العلاج أكبر ويستلزم منك أكثر مما تعتقد الآن.
للمتابعة على قناة التليجرام: @paulawagih

الجريدة الرسمية