رئيس التحرير
عصام كامل

هدف في اللحظات الحاسمة

في الوقت الذي بلغ فيه الغضب الشعبي العربي مداه من الموقف الأمريكي من العدوان على غزة، وفي الوقت الذي تعرت فيه أوروبا بازدواجية معاييرها إزاء العدوان الغاشم على المدنيين في غزة المحاصرة بالموت تدميرا وتجويعا وقتلا بالأسلحة الأمريكية الفتاكة، تتدحرج آلة السلام الصينية لتسجل هدفا في الوقت المناسب.

"الشرق  الأوسط أرض تتمتع بآفاق واسعة للتنمية لكن الحرب تستعر.. على الحرب ألا تدوم إلى ما لا نهاية ولا ينبغي للعدالة أن تغيب إلى الأبد" بهذه الكلمات عبر الزعيم الصيني شي جين بينغ عن موقف بلاده مما يجري على الأرض.

وجاء توقيت القمة الصينية العربية حاسما لينقل كاميرات الصحفيين وأدوات نقلهم للأخبار من عواصم تورطت في الدم الفلسطيني إلى بكين التي دافعت منذ سنوات وما زالت تدافع عن حل الدولتين ومناصرة حق الفلسطينيين في دولة مستقلة ذات سيادة وقادرة على العيش.

وفي الوقت الذي ضجت فيه شوارع أوروبا وجامعات أمريكا بتحرك شعبي غاضب ورافض لمواقف بلادهم، كانت الصين حاضرة بقوة لتسد فراغا أهملته أوروبا وتركته واشنطن في الذهنية العربية تورطا دمويا غير محدود ولا محمود.


جاء النداء الصيني في القمة الصينية العربية بمثابة وجود قوي لقوة دولية تتحرك في ملفات الشرق الأوسط بحسم ونجاح كللته في العام الماضي بحوار سعودي- ايراني خفف من حدة التوتر بين البلدين وخفض من درجة حرارة الصراع في الشرق الوسط وأعقبته بحوار بين الفصائل الفلسطينية، ومن ثم جاءت القمة الصينية العربية لاستكمال طريق ممهد أمام بكين للاضطلاع بدور هي مؤهلة له الآن قبل أي وقت مضى.


وإذا كان الشارع العربي قد طرح في مرات سابقة تساؤلات عن الدور السياسي للصين في ملفات الشرق الأوسط خصوصا وأن الدور الاقتصادي الصيني تمدد في المنطقة العربية بما دشنه من مشروعات طريق الحرير، فإن بكين قد أجابت بوضوح خلال القمة الصينية العربية عن هذه التساؤلات وبوضوح لم تتجاهله وسائل الإعلام الغربية والأمريكية وقبلهما وسائل الإعلام العربية.

ومما لاشك فيه أن الصين كقوة لديها من الأدوات والوسائل ما يمكنها من القيام بدور وشغل مساحات الفراغ والتمكين لنفسها والمساهمة الفعالة في لعب دور رئيسي يستمد فعاليته من وضوح الرؤية حول حل الدولتين وفي ذات الوقت حفاظها على علاقات قوية مع تل أبيب.
 

 


وإذا كان في النفس العربية من غصة نتيجة المواقف الأمريكية المهينة والمتحيزة ومواقف التبعية الأوروبية فإن الوقت حان ليكون في منطقة الشرق الأوسط لاعب أصيل وأساسي يمتلك إرثا حضاريا وثقافيا مشتركا مع المنطقة العربية وصورة شعبية ذهنية تغاير ما عايشناه على مدار عقود من المواقف الأمريكية التي وصلت إلى حد مد إسرائيل بالسلاح بيد وفتات طعام للضحايا الفلسطينيين باليد الأخرى!

الجريدة الرسمية